يوم فى حياة إيفان دينيسوفيتش in صالون الأدب الروسي

Jan 14, 2012 فهد الفهد rated it it was amazing

Shelves: c-p-noble-prize, fiction-russian, 7-reread, 0-favorites

يوم في حياة إيفان دينيسوفيتش

هذا أحد الكتب الرهيبة، ربما لا يفوقه رهبة إلا كتاب المؤلف الآخر (أرخبيل الغولاغ)، وكلا الكتابين يتناولان تجربة الاعتقال الرهيبة في الاتحاد السوفييتي، تلك المعتقلات التي لا يعود منها أحد، والتي ابتلعت ملايين الناس خلال تلكم السنوات المؤلمة.

الفارق ما بين الكتابين هو أن هذا الكتاب عبارة عن رواية تصور يوماً واحداً من أيام إيفان دينيسوفيتش شوخوف، أحد هؤلاء المنكوبين الذين قادهم حظهم العاثر إلى الغولاغ، كيف سيكون هذا اليوم الغولاغي، هذا ما سنعود له لاحقاً، الكتاب الثاني خ يوم في حياة إيفان دينيسوفيتش

هذا أحد الكتب الرهيبة، ربما لا يفوقه رهبة إلا كتاب المؤلف الآخر (أرخبيل الغولاغ)، وكلا الكتابين يتناولان تجربة الاعتقال الرهيبة في الاتحاد السوفييتي، تلك المعتقلات التي لا يعود منها أحد، والتي ابتلعت ملايين الناس خلال تلكم السنوات المؤلمة.

الفارق ما بين الكتابين هو أن هذا الكتاب عبارة عن رواية تصور يوماً واحداً من أيام إيفان دينيسوفيتش شوخوف، أحد هؤلاء المنكوبين الذين قادهم حظهم العاثر إلى الغولاغ، كيف سيكون هذا اليوم الغولاغي، هذا ما سنعود له لاحقاً، الكتاب الثاني خصصه سولجنتسين ليكون محاولة لتوثيق ما كان يحدث في الاتحاد السوفييتي في تلكم الأيام، معتمداً على وثائق وشهادات مئات ممن اعتقلوا وسجنوا لسنوات طويلة، ولكن لندع الحديث عن الأرخبيل الغولاغي إلى حين فراغي من الكتاب، وهي مهمة ثقيلة على النفس، فالكتاب ليس من النوع السهل، لا يمكنك أن تقرأ كل تلك التفاصيل المروعة ويبقى رأسك واعياً، فالحزن سيهومك لا محالة.

انشغال سولجنتسين بالغولاغ، وبالمعتقلات السوفييتية ليس انشغال باحث بارد، يتقصى موضوعاً تاريخياً، بقدر ما هو انشغال رجل دفع من حياته 8 سنوات في أحد هذه المعتقلات، فالأديب المولود بعد الثورة الروسية بعام، عانى من النظام الجديد مبكراً، فعائلته لوحقت بدعوى أنها إقطاعية، وعندما كبر وشارك في الحرب العالمية الثانية ضابطاً، قبض عليه بسبب انتقاده لستالين في إحدى رسائله، وهذه جريمة كانت عقوبتها 8 سنوات في معتقل رسم لنا صورته في روايته هذه التي نشرت سنة 1962 م، في الفترة البسيطة التي سادت فيها حرية نسبية في عهد نيكيتا خروشوف الذي خلف ستالين، وقام بعملية تقويض لعبادة الشخصية التي محورها ستالين حول نفسه، هذه الحرية تلاشت سريعاً، فمنعت كتب سولجنتسين وضاقت به بلاده، حتى طرد منها سنة 1974 م ونزعت جنسيته السوفيتية ولم يستطع العودة إلى هناك إلا بعد 20 سنة، قضاها في الولايات المتحدة الأمريكية.

حصل سولجنتسين على جائزة نوبل في الآداب سنة 1970 م، وتوفي قبل سنوات قليلة في منتصف 2008 م.

تنبيه: ما سيأتي قد يكشف شيئاً من أحداث الرواية.

عنوان الرواية يبدو وكأنه لا يعدنا بأي مفاجئات، فيوم كامل من حياة رجل ما تبدو فكرة مطروقة كثيراً، ولكن عندما تكون المفارقة في أن هذا الرجل لا يمتلك يومه، فيوم إيفان دينيسوفيتش ليس له، لقد استولت عليه الدولة، بحيث صار إيفان يعيش اليوم كله ما بين مشاعر متقلبة، خوف دائم، قلق، ملاحقة لأدق وأبسط التفاصيل المعيشية، عندما كنت اقرأ تاريخ ستالين ما قبل الثورة، ذكر المؤلف أنه عانى تجربة الاعتقال والنفي مراراً، ولكن تلك التجارب لم تكن سوى إجازات طويلة يعيشها الرجل الثوري في قرى منسية، حيث لا شيء يفعله سوى القراءة المكثفة، وإغواء النساء والتخطيط للهرب، هذه التجارب هي ما جعله عندما جاء دوره ليزج بمعارضيه في السجون يلجأ إلى إشغالهم بهذه المعتقلات التي تستهلك الإنسان تماماً، تشغله بالعمل، بمطاردة أبسط احتياجاته، تشغله بالخوف من كل شيء، بالخوف من المستقبل، حيث يمكن بكل بساطة أن تنتهي السنوات العشر التي حكم بها على شوخوف ليقال له "هاك عشر سنوات أخرى"، والخوف من الخروج من المعتقل إلى عالم جديد، لا يعرفه، ولا يعلم ماذا يصنع به، والخوف قبل هذا كله من عشرة أيام في الزنزانة الانفرادية على أي خطأ يقع منه، حيث سيأكله الجوع والبرد.

فلذا عندما نختتم الصفحات المائتين التي تكون الكتاب، تخترقنا العبارة الأخيرة التي كتبها سولجنتسين بكل عناية، "أخلد شوخوف إلى النوم وهو في غاية الرضا، فلقد حالفه الحظ اليوم كثيراً، لم يزجوا به في الانفرادي، لم يسوقوا مجموعته إلى الضاحية الاشتراكية، وعلى الغداء جنى عصيدة إضافية....، مر يوم لم يعكر صفوه شيء، يوم يكاد يكون سعيداً، مثل هذه الأيام في مدة حكمه من الجرس إلى الجرس، تصل إلى ثلاثة آلاف وستمائة وثلاثة وخمسين يوماً، الأيام الثلاثة الزائدة هي بسبب السنوات الكبيسة". ...more

35 likes · Like · see review