نادي كلمة discussion

اختراع العزلة لـ بول أوستر
‎"الأبناءُ نِيامٌ، فإذا ماتَ الآباءُ انتبهوا"
‎هكذا يبدأ أوستر كتابه واصفاً ما أصابه حين علم بوفاة والده، فراح يلملم ذكريات أبيه ويرسم صورةً حيةً له مستعينًا بالأشياء التي تركها وراءه. الجزء الثاني من الكتاب فهو مذكرات بول أوستر نفسه،

أهلا بكم أصدقاء كلمة
من سيشاركني قراءة كتاب "اختراع العزلة " هنا؟
الأن في الصفحات الأولى ، الترجمة مثالية ومناسبة مع نوعية النص . يسترسل الكاتب صفحاته الأولى بعبارة " لأبناء نيام فإذا مات الأباء إنتبهوا " واصفاً شوقه لوالده المتوفى

وأهلا بكم جميعا..
نشاركك مريم جماله وقراءته..
أوافقك تمام فيما يخص الترجمة’ إضلفة إلى ذلك أجد اللغة جدا عميقة, أدهشني أوستر حقيقة بما كتبه, وربما لي تعقيب لاحقا بعد تتمة الكتاب

الذاكرة بوصفها غرفة، جسدا، جمجمة..
بوصفها جمجمة تضم غرفة يجلس فيها رجلا ما. وكأننا في هذه الصورة: "رجل يجلس وحيدا في غرقته"..

على ماذا تبعث هذه الكلمات لكم؟!

- عند قراءتي للعنوان مرارا لم تراودني أبدا فكرة الكتاب إلا بعد الشروع في القراءة، أدهشني أوستر حقيقة في اختراع العزلة، فالكتابة -ربما- كانت السبيل الأسرع ليتعرى من صدمته بموت أبيه وليعي حقيقة عالمه ومحيط عائلته..

# وجدت أوستر شجاعا قويا وجريئا في سرده لـ اختراع العزلة لأسباب،
فالأول - ليس سهلا أبدا أن تكتب عن أبيك، الأمر أكثر صعوبة مما نظن، أن تسرد سيرة عن أحدهم هو بحد ذاته أمرا عظيما فكيف بأبيك! ناهيك كذلك إن كان ميتا! وهنا يجدر القول أن البشر يعظمون وتعظم محبتهم بعد الموت والرحيل..
السبب الآخر: أن تجعل المخبوء أمرا ظاهرا للعيان ليس بالأمر الهين تماما، فـ أن تزيل الغمار عن حقائق وكواشف تخصك وتخص عائلتك تحتاج منك شجاعةً شجاعة.


#في الجزء الأول من الكتاب:
يسرد أوستر علاقته بأبيه، واصفا إياه بالغريب في تصرفاته وأسلوب حياته، ويذكر كيف افتقد أن تكون علاقته بأبيه أكثر ودا ولطفا، كان أشبه ما يكون باليتيم، كان يشعر فيها بعبثية الوجود واللامبالاة: حضور والده وغيابه في آن واحد، وفي هذا النطاق يكشف أوستر أسباب ذلك وهي حياة أبيه سام قبل الزواج وولادة بول أوستر، وهذا سبب عزلة أبيه التي ما انفكت حتى وفاته. ورغما عن كثرة السطور التي يتحامل فيها أوستر على أبيه، إلا أننا نجده في أحيان أخرى يثني عليه ويرجو وجوده..

#في الجزء الثاني منه:
مجموعة مذكرات لـ أوستر وهو شاب، الجميل أنها الرابط للجزء السابق من الكتاب، فهي تحدثنا عن أثر عزلة أبيه عليه، وكيف أن أوستر يجدها ممتعة في شبابه وربما لولاها لما استطاع فهم أبيه وعزلته..

# الجدير بالذكر هو دور "الكتابة" كـ "فعل" في كتاب اختراع العزلة:
نجد أن أوستر حين علم بوفاة والده، لم تكن الصدمة هينة له، لذا اتخذ من الكتابة مهربا له، وربما يمكن القول أنها معينة له في كربته، حدثته الكتابة أنه لم يعرف أبيه حقا، ولم يكتشف عزلته إلا مؤخرا، وكما أن والده اخترع عزلته بسبب ما مر به، كذلك بول أوستر اخترع عزلته الخاصة به التي وجدها في الكتابة، أجد أن أوستر كان صادقا في كتابته وكأنهُ يحادث في كتابته ذلك الطفل الصغير بداخله والذي لم يكبر، وهذا مشهد يتضح من فعل الكتابة حينا وشرود بول أوستر مع ابنه الصغير حينا أخرى. كما أن الكتابة هنا سبيل أوستر لخلود اللحظة -موت أبيه- وربما تخليد ذكر والده، وتخليد حياته هو بـ راوٍ آخر في القسم الثاني (المذكرات).


#ختاما: ما هو اختراع العزلة؟
بمعنى آخر إن كنت مصيبة في قولي: الموت هو دائما اختراع العزلة، الموت الذي رآه سام في مقتل أبيه أمامه أوجده في عزلة عن عالمه، وموت سام بهدوء في عالمه الغريب أوجد عزلة بول أوستر من بعده..

هنا كان اللقاء الأول مع بول أوستر، شكرا نادي كلمة