كافكا على الشاطئ discussion

كافكا على الشاطئ


Haruki Murakami

في البدايه زُينت لي هذه الرواية المارقة بمجهود وحبكة إبليسية دعتني لقراءتها بطريقة فاتنه وغير اعتيادية يصعب مقاومتها! لقد جذبني اسم كاتبها الذي بعث فيني ذكريات الطفولة ، وثم عنوان الرواية الذي ذكرني بفرانز كافكا وما قرأته عنه من نزعة وجودية تقاطعت مع بعض تجاربي الشخصية وثم غلاف الكتاب الذي عكس لي صورة اخرى يشوبها الخيال شاطئ ورمال بيضاء وموج على الساحل وقط اسود !

فشرعت أقرأ الكتاب المتضمن لـ٦٠٠ صفحة ولكني لم اكمله فقد توقفت عند الصفحة الـ٢٠٠ ، وسبب توقفي ايقنت بأن هذا الكاتب لا يكتب من وحي خياله ، بل إن هناك مارد لعين يهمس في اذنيه. ان مثل هذه الرواية جذبت الكثير من الشباب في الوطن العربي بل وابهرتهم وقد حققت اعلى نسب التقييم في غوغل ريدز ، قرأها شبابنا وشاباتنا بشغف وابدو اعجابًا لافتًا وانهالوا عليها بالمراجعات والتعليقات ، في الحقيقة لم يكن الحال فقط عندنا نحن العرب ولكن اتوقع ان صداها كان عالمي ولكن نحن وضع خاص فالرؤية الكونية التي نتميز بها والرقي الذي نمتاز به يأبى على نفوسنا من ان تنحط في الحضيض كسائر القطعان الحائره. فما سر هذه الرواية وماذا تحمله من رسالة ، انها تحمل رسائل كثيرة تشوش عن مبتغاها الحقيقي والذي الخصه بأنه دعوه للانحلال ، فمن يقف بجدية معها يدرك ان هذا الكاتب يحمل في طياته عقدًا نفسيةً ونظرة بائسة للحياة فإذا به يستعين بالشذوذ الجنسي والعقدي للتعبير عن معاناته ولكن بأسلوب فخم مرصع بكل ما يجذب القارئ، من همس وإيحاءات فالرواية تقوم على الفضول القاتل والايحاء بالغموض الذي يفضي الى الاعتقاد بعبثية القدر ونزعة الانحلال في الانسان نحو كسر التابوهات والانغماس في بؤرة الحرام إلى حد الثماله كإعلان صريح عن نيل الحرية المقدسه ، فيالها من حرية .

إن رواية بطلها فتى مراهق ينتهي به المطاف بأن يسفك الدماء بلا وعي ثم ينتقل في مكان ما ليجد نفسه يضاجع اخته ويتزوج أمه مالقصد منها ؟ فهي رواية مخدرة للأحساس وليست عادية فقد لاحظت من مجرد قرأتي لها على ذلك النسق الذي خطت فيه انها تدمر خلايا الدماغ باسلوب اشبه مايكون بالتنويم المغناطيسي الذي يدفعك لأن تنساب في هذه القذارة لا شعوريًا وكأنك تستمع إلى لحن شيطاني ، ومن ناحية أخرى تصور لنا الرواية نظرة الكاتب للوجود بشكل لعوب وسطحي فالسماء تمطر اسماكًا بسبب حجر سري ورجل أخر مهمته في الحياة تشريح القطط وثالث يحاكيها ويتقصى منها العلم.

والخلاصة ان هذه الرواية تنظر للحياة كأرض خصبه ينقض عليها من سولت له نفسه ليستلذ بها حتى اخر رمق دون أكتراث لحق او باطل وبكل عبثية وعشوائىة ولا مبالاه ، فقد كتبت ستمئت صفحة بدقة متناهيه لتعبر في كل حرف من حروفها عن معاني الضياع والانحدار للإنسان الذي يجد نفسه بعيدًا عن الله سبحانه وتعالى وهذا الشعور اجده يدفع موراكامي بان يصرخ بكل ما فيه متوسلًا بالأدب لتبرير نشوزه وانحطاطه الاخلاقي على النهج السوريالي السلبي لا اقول الايجابي فالفن السوريالي فن راقي إذا ما وظف بعنايه وأخلاقية فطبيعة الانسان دائمًا ما تسمو إلى ما فوق الواقع بل انها تعبر بذلك عن توقها لحريتها المرجوه، ولكن ما تم توظيفه في الفن السوريالي على الدوام هو الاسلوب الذي يجعل من الانسان آله تعيد صياغة تلك الوسواس السوداوية في قوالب فنية من أجل تسويقها على نحو يبرر الفساد ويحارب الفضيلة ، فتجد من يسمون بالفنانيين والادباء يعبرون عن ما يلقيه الشيطان في صدر ابن آدم كشيء صادر عن الإنسان لا عن الشيطان ليتم تعرية الإنسان وكأنه شيطان تلوح في نفسه الرذائل كحاجات فطرية ينبغي عليه ان يشبعها لا ان يقوم بكتبها ، فلسان الحال إذًا يقول من حرم الإباحية؟ فالنتجية المستخلصة من هذه المزبلة الادبية ان لا عورة للإنسان يسترها ولا ذمة يحفظها او كما يقول الكاتب إغماض العينين لن يغير شيء لا شيء سيختفي لمجرد أنك لا تريد ان تراه بل ستجد الامر ازداد سوءاً في المره التاليه التي تنظر فيها هذا هو العالم الذي نحيا فيه أبق عينيك مفتوحتين على وسعمها الجبان فقط هو من يغمض عينيه إغماض عينيك وسد اذنك لن يوقف الزمن ، لقد اصبح الادب بكل ما تعنية الكلمة قلة أدب ، وصار الفن والجمال مطية لكل قاذورة يطلقها هؤلاء المنحلين ولا حرج .