عندما تقرأ لايزابيل الليندي أنت تعيش في كوخ من الورق بمشاعر من الزجاج ، وبألفة مع القراءة لم تعهدها من قبل ، ثم لا تلبث أن تعصف رياح الغور بك في سبر أكثر فأكثر ، تعبُرُ فيه الرواية على مهل ، تقطعُ الطريق والذي خرج إليه ذهنُك ذاهلًا ، يتعرض بدوره لغرق موحِل أثارته انزلاقات الجمال على جنبي السطور واللوحة ، فتتمسك بدهشتك وببقع الوحل وتمضي ، حريص النظر بطريقة ..... لن تنتهي ، ولن تتركك كما كنت .
واثناؤها ، أنت تفتش عن لوحات معلقة تشبهك ، فتجد . وعنك في مصاف عديدة ، لا تغادرها إلا بكونك وجدت ما تعلق به .. زاوية ما ، محاط .. بإطار ما ، واقعٌ .. كبقعة لون زخرف لوحتها لطخته ، فتحبها بنفاذ ما كانته أنت وما فتنته هي . ثم ما كانته مَعْلّمًا ما في مدينتك القلبية بطريقة اللغة والوصف والنفاذ . في القراءة لتلك الروائية المتسلقة لعوالم الخيال والتمدد ، يمكنك أن تُمارس كل أنواع الرياضة ، ركض ، قفز ، عوم ، زحف ، بحيث لا تشعر بملل وأنت تقرأ أو وأنت تتتبع الأحداث بروحك المفكرة وبالحكاية المشوقة ولو بعد حين من القراءة ، تعطي التعايش حقه بوضوح ما وقع عليه وما له ، بينك وبين ما تقرأ ، تخرجك من مكان مدروس الوصف إلى مكان عفوي الوصف فإذا بك حقاً تقيم بين جدران ورقية تلونت ، تأثثت بأمتع ما قد يحقق الهدف ويشعرك بتلك الأبعاد الثلاثية طافيةً في كلمات ، كان من الصعب حصرك بها كمجسمات تتكعب على ورق وبين سطور. رواية باولا : ليست الرواية الأولى التي اقرأها لأيزابيل ، قد تكون الخامسة أو السادسة ، وكنت في كل مرة اندهش ملء عقلي ، أعود للصفحات كباحثة ودارِسة ، أتمعن فنها العجيب في السرد بكل هذه اللذائذ المرنة ، ولأول مرة لا استخدم قلم التظهير في إبراز العجائب السطرية ، ايقنت بأن تلك الكتب بها شيء من القدسية السردية ويجب أن تبقى معتمة في اللحاق ، مترفعة عن الحصر والتحديد ، ووعدت نفسي بمعاملتها معاملة الكتب التي لم تمس ، وبإعادة قرأتها مرة أخرى لأشعر بحقّن الدهشة من جديد ، الرواية هي سيرة ذاتية للكاتبة والتي تنحدر من أصول تشيلية ، كتبتْ الرواية منذ البداية كرسالة لابنتها باولا والتي دخلت في غيبوبة - بسبب مرض نادر ( فير فيرين) - مالبثت إلا وطالت بها أيامًا ثم أشهرًا ، والتي لم ترتفع فيها درجة الوعي لديها عن الصفر منذ غابت ، كتبتها في ممرات المشفى وفي غرف الفنادق وقربها على السرير ثم في بيتها الذي اصطحبت إليه ابنتها التي كانت كدمية إلى أن ذابت كلياً ، الرواية اشتملت على سيرة الكاتبة طفلةً وصبية وشابة وامرأة كاتبة ، وأم ثكلى ، بدأتها بمخاطبة ابنتها التي ظنت أنها قد تستيقظ فاقدة للذاكرة "اسمعي ، يا باولا ، سأقص عليك قصة ، كيلا تكوني ضائعة تماماً عندما تستيقظين " ، وفي نهاية الرواية صار التحدث عن باولا بالهاء الغائبة ، في الزمن الذي تيقنت فيه والدتها الكاتبة أنها لن تستيقظ أبداً . مشاعر الرواية متيقظة ، حزينة ، تنحدر دمعتها من ورقة لأخرى حسب درجة الأمومة المتفجرة ، أمام الأبنة التي كان شبابها يتفتح ، يُزهر ثم فجئةً يذوي إلى درجة الموت الهادئ في تشربه ، تعرفت على دولة تشيلي وانظمتها ودموية سبعينيات القرن الماضي من تاريخها ، أكثر ما تحقق لي في تلك ( العجيبة ) هو معرفة ظروف ومناسبات كتابات الروائية لرواياتها الثلاث الأولى ( بيت الأرواح ) ( الظل والحب ) ( ايفا لونا ) وبعض رواياتها المتأخرة ( الخطة اللانهائية ) ومن أين استوحت شخصياتها ، وكيف يتم لها ذلك .
تقع في 493 صفحة تقريبًا بترجمة من المبدع والذي له فضل بالنقل بجمالية فذة : صالح علماني عن دار الآداب للنشر والتوزيع
واثناؤها ، أنت تفتش عن لوحات معلقة تشبهك ، فتجد .
وعنك في مصاف عديدة ، لا تغادرها إلا بكونك وجدت ما تعلق به .. زاوية ما ، محاط .. بإطار ما ، واقعٌ .. كبقعة لون زخرف لوحتها لطخته ، فتحبها بنفاذ ما كانته أنت وما فتنته هي .
ثم ما كانته مَعْلّمًا ما في مدينتك القلبية بطريقة اللغة والوصف والنفاذ .
في القراءة لتلك الروائية المتسلقة لعوالم الخيال والتمدد ، يمكنك أن تُمارس كل أنواع الرياضة ، ركض ، قفز ، عوم ، زحف ، بحيث لا تشعر بملل وأنت تقرأ أو وأنت تتتبع الأحداث بروحك المفكرة وبالحكاية المشوقة ولو بعد حين من القراءة ، تعطي التعايش حقه بوضوح ما وقع عليه وما له ، بينك وبين ما تقرأ ، تخرجك من مكان مدروس الوصف إلى مكان عفوي الوصف فإذا بك حقاً تقيم بين جدران ورقية تلونت ، تأثثت بأمتع ما قد يحقق الهدف ويشعرك بتلك الأبعاد الثلاثية طافيةً في كلمات ، كان من الصعب حصرك بها كمجسمات تتكعب على ورق وبين سطور.
رواية باولا : ليست الرواية الأولى التي اقرأها لأيزابيل ، قد تكون الخامسة أو السادسة ، وكنت في كل مرة اندهش ملء عقلي ، أعود للصفحات كباحثة ودارِسة ، أتمعن فنها العجيب في السرد بكل هذه اللذائذ المرنة ، ولأول مرة لا استخدم قلم التظهير في إبراز العجائب السطرية ، ايقنت بأن تلك الكتب بها شيء من القدسية السردية ويجب أن تبقى معتمة في اللحاق ، مترفعة عن الحصر والتحديد ، ووعدت نفسي بمعاملتها معاملة الكتب التي لم تمس ، وبإعادة قرأتها مرة أخرى لأشعر بحقّن الدهشة من جديد ، الرواية هي سيرة ذاتية للكاتبة والتي تنحدر من أصول تشيلية ، كتبتْ الرواية منذ البداية كرسالة لابنتها باولا والتي دخلت في غيبوبة - بسبب مرض نادر ( فير فيرين) - مالبثت إلا وطالت بها أيامًا ثم أشهرًا ، والتي لم ترتفع فيها درجة الوعي لديها عن الصفر منذ غابت ، كتبتها في ممرات المشفى وفي غرف الفنادق وقربها على السرير ثم في بيتها الذي اصطحبت إليه ابنتها التي كانت كدمية إلى أن ذابت كلياً ، الرواية اشتملت على سيرة الكاتبة طفلةً وصبية وشابة وامرأة كاتبة ، وأم ثكلى ، بدأتها بمخاطبة ابنتها التي ظنت أنها قد تستيقظ فاقدة للذاكرة "اسمعي ، يا باولا ، سأقص عليك قصة ، كيلا تكوني ضائعة تماماً عندما تستيقظين " ،
وفي نهاية الرواية صار التحدث عن باولا بالهاء الغائبة ، في الزمن الذي تيقنت فيه والدتها الكاتبة أنها لن تستيقظ أبداً .
مشاعر الرواية متيقظة ، حزينة ، تنحدر دمعتها من ورقة لأخرى حسب درجة الأمومة المتفجرة ، أمام الأبنة التي كان شبابها يتفتح ، يُزهر ثم فجئةً يذوي إلى درجة الموت الهادئ في تشربه ،
تعرفت على دولة تشيلي وانظمتها ودموية سبعينيات القرن الماضي من تاريخها ، أكثر ما تحقق لي في تلك ( العجيبة ) هو معرفة ظروف ومناسبات كتابات الروائية لرواياتها الثلاث الأولى ( بيت الأرواح ) ( الظل والحب ) ( ايفا لونا ) وبعض رواياتها المتأخرة ( الخطة اللانهائية ) ومن أين استوحت شخصياتها ، وكيف يتم لها ذلك .
تقع في 493 صفحة تقريبًا
بترجمة من المبدع والذي له فضل بالنقل بجمالية فذة : صالح علماني
عن دار الآداب للنشر والتوزيع
لطيفة هيف