وما اصعب ان اكتب عن رواية لنجيب محفوظ تقيمي مبديئا 5/4.9 والسبب الوحيد في الدرجة الاقل هو لكثرة الشخصيات التي تحدث مللا احينا عند القارئ في انتظار ارائكم ------------------------------------------- كل شيء يبدو حالكا ،، كل ما نخطوه من خطوات تسير بنا رغما عنا لحياة خارج إطار الحياة في العتمة وفي ظلام الإحداث لا نسمع سوى قرقرة الجوزة حتى أننا بالكاد نرى دخان ولسعة لهيب الممجمرة المستعرة علي صفحة الماء فوق مركب أجتمع عليه الرفقاء في كل ليلة رفقاء من أصحاب المبدأ المشترك قالت أحداهن :- -إني سائرة إلى موت محقق ! فقال : -كلنا صائرون إلى الموت. -إنما اعني موتآ أفظع . -ليس ثمة ما هو أفظع من الموت . -ثمة موت يدركك و أنت حي !! فما الذي يأتي بكل هولاء علي صفحة النيل بلا انقطاع وكأن السحر لا يرحل وكأن الغسق لا يأتي إن لم يجتمعوا وها ذا أنيس بطل الرواية مثقف جدا حتى أن هذيانه من أثر الجوزة والسكر هذيا تاريخيا مفحم بالمعلومات ،، وذاك موظف متزوج محافظ وغير منفتح وأخر محام متذمر دائما وعلي السيد الرجل الأزهري العربيد السكير الذي لم تمنعه تربيته الأزهرية من العربدة مع امرأة متزوجة في العوامة وتحت مرأى ومسمع القمر ،، وهذه صحفية طموحة تتسلل بينهم خلسة لما تبديه من ترصد لهولاء المدمنين لإثقال أعمالها الفنية والأدبية ومزجها بالواقع من خلال التعايش مع حياتهم ،، وإمام يصلي بالناس ويجهر بالأذان علي وقته حتى إذا ألقى التحيات وفرغ من صلاته يلهث بحثا عن فتاة لليل الضيوف ويٌحضر الخمر ويوقد المجمرة ويشتري لهما ما يكفي نهمهما من وقود للجوزة ،، وهذه امرأة مطلقة وهذه أخرى تبحث عن السعادة الليلة وما بين كل هولاء الأشخاص وعلي اختلاف ميولهم وتوجهاتهم إلا أنهم يشتركون في الهروب من الواقع إلي الحياة اللاهثة بحثا عما فقدوه في الحياة الواقعية وبالطبع لم تكن قرقرة الجوزة والسكر والعربدة هي ملاذهم وهدفهم إنما كانت الطريق الامثل في الهروب والبحث عن المفقود يقول الكاتب في أحداث الرواية “إن الثورات يدبّرها الدهاة وينفذها الشجعان ثم يكسبها الجبناء” وهذا كان حديث مسطول وكأن الكاتب يشير إلي القارئ بالتهديد والتحذير الشديد إياك أن تظن أن سهرة العوامة تلك سهرة مساطيل !! بل هنا يسهر الحالمون الباحثون عن الحقيقة الغائبة عن الواقع وحينما عجزوا اجتمعوا علي أن يبتعدوا عن عالم السياسة والحياة العبثية التي يطلق عليها مجازا حياة وبعضهم يجودها بالحياة الواقعية ارتؤا لانفسم السَحَر بلامبالاة فكما صور الكاتب أن السفينة تسير بلا حاجة إلينا رغم انه هو نفسه الكاتب وفي نفس الرواية يقول أن الخوف زال لان الخوف من الأمريكيين وبطش الإنجليز والبوليس والجيش والخوف من الظاهر والآراء الحرة والخوف مما نبطن للقادة وللرؤساء علمنا ألا نخاف ولكن سرعان ما يلفت انتباهنا إلي أن الثورة يكسبها من يكسبها الجبناء !! هي ليست ثرثرة وهم ليسوا مساطيل إنهم مجموعة ممن ازدرت بهم عبثية الحياة يكتشفون فجأة أن الخوف الحقيقي ليس من الموت إنما خوفهم الحقيقي من الحياة ليتجرؤون ويشهرون سيوفهم في وجه عبثيتهم وعبثا يخرجون للحياة في رحلة بعيدة عن السكر والعربدة بعيدة عن العوامة بعيدة عن الجوزة وقرقرتها والمجمرة ،، ويتنفسون هواء الوطن في فسحة حقيقة ليصطدموا بواقع الحياة حادثة تقع لهم يدهسون شخصا تحت عجلات القيادة ويهربون ليحتل عالمهم الليلي صراع الضمير ويكأن الكاتب يريد أن يشير أننا حتى في ملاذنا وهروبنا من عبثية الحياة لم نسلم من الحياة “أطبق جفنيك حتى لا ترى الموت بعينيك” “ويضيق الصدر بأي حكمة إلا حكمة تنعي جميع الحكم.” “أخشى ما أخشاه أن يضيق الله بنا.” “والحق أن الجوزة تدور لأن كل شيء يدور، ولو كانت الأفلاك تسير في خط مستقيم لتغير نظام الغرزة. وليلة أمس اقتنعت تماماً بالخلود، ولكني نسيت الأسباب وأنا ذاهب للأرشيف .” لم يبق لي وحتى لا أنسى ذكره سوى أن الرواية التي اعتمد فيها الكاتب علي السرد الدائم والذي اشتكى منه كثير من القراء وشعر بعضهم بالملل لصعوبة كثرة الشخصيات ومسمياتهم ولكن إحقاقا للحق وان كان هناك بعض الغموض ذلك لان هذه الرواية سياسية بحتة في المقام الأول والأخير وعلي الكاتب أن يكون أكثر ذكاء وألا يعرض نفسه وقلمه للمهالك هنا كانت تتجلي عبقرية نجيب محفوظ أراد ان ينتقد أحوال البلاد وما آلت إليه من ديكتاتورية ومن سلطة الصوت الواحد الذي لا يسمع ألاهُ فكيف ينتقد الكاتب العظيم الزعيم جمال عبد الناصر في أوج مرحلة عاشتها البلاد لا صوت يعلو فوق صوت الحاكم الأعلام كله رسمي وغير رسمي يخضع لسلطة الدولة الآراء التي ليست في اتجاه الدولة تؤد في المهد فاختار الكاتب وهنا عظمت قلمه وإبداعه أن يكتب نقدا لاذعا لحكم الراحل جمال عبد الناصر بالرمزية يشير ولا يوضح تاركا المجال للقارئ أن يغوص في أعماق ما بين السطور وما يقبع بين الكلمات ويستشفي بنفسه وجع الكاتب ثورة راحت أهدافها أدراج كتب التاريخ وبالفعل ورغم محاولة الكاتب في النقد بالرمزية إلا أن الرواية أحدثت رجة عنيفة كادت أن تلقي بالكاتب حتفه في غيابات الجب حتى أن الغضب تصاعدا إلي رجال السلطة فشتد غضب صلاح نصر رئيس المخابرات آنذاك وصعد غضبه إلي المشير عامر عبد الحكيم الذي بدوره صعد الأمر إلي الزعيم جمال عبد الناصر فطلب قراءة الرواية قبل الحكم عليها وكانت المفاجأة السارة لنجيب محفوظ إذ أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يقر كل ما جاء في الرواية ويعترف اعترافا حسيا وضمنيا للمشير عامر بأنه بالفعل هناك سلبيات شديدة في أداء الحكومة بعد ثورة 52 وان الآمال المعلقة علي الثورة ونتائجها لا يتوافقان ونجا نجيب من مقصلة كادت أن تقصف قلمه للأبد . يبقى آخر شيء في رواية ثرثرة فوق النيل تلك الرواية المتجددة التي تصلح لكل زمن كان أن أترككم مع كلمات نجيب محفوظ نفسه عن الرواية وما الذي اغضب السلطة والنظام منها يقول نجيب محفوظ ظهرت رواية ثرثرة فوق النيل في عز مجد عبد الناصر, وفي وقت كان فيه الإعلام الرسمي يحاول ليل نهار أن يؤكد انتصار الثورة والنظام وانعدام السلبيات والأخطاء, فجاءت ثرثرة فوق النيل لتنبه إلي كارثة قومية كانت قد بدأت تطل برأسها علي السطح, وكان لابد أن يكون لها نتائجها الخطيرة, وكنت أعني بذلك محنة الضياع وعدم الإحساس بالانتماء, وهي المحنة التي بدأ الناس يعانون منها, خاصة في أوساط المثقفين الذين انعزلوا عن المجتمع, وأصبحوا يعيشون في شبه غيبوبة, فلا أحد يعطيهم الفرصة المناسبة للعمل والمشاركة, ولا هم قادرون علي رؤية الطرق الصحيحة, وفي المرة الوحيدة التي حاولوا فيها أن يعرفوا الطريق ارتكبوا حادثة رهيبة في شارع الهرم, ولاذوا بالفرار.
تقيمي مبديئا 5/4.9 والسبب الوحيد في الدرجة الاقل هو لكثرة الشخصيات التي تحدث مللا احينا عند القارئ
في انتظار ارائكم
-------------------------------------------
كل شيء يبدو حالكا ،، كل ما نخطوه من خطوات تسير بنا رغما عنا لحياة خارج إطار الحياة في العتمة وفي ظلام الإحداث لا نسمع سوى قرقرة الجوزة حتى أننا بالكاد نرى دخان ولسعة لهيب الممجمرة المستعرة علي صفحة الماء فوق مركب أجتمع عليه الرفقاء في كل ليلة رفقاء من أصحاب المبدأ المشترك قالت أحداهن :-
-إني سائرة إلى موت محقق !
فقال :
-كلنا صائرون إلى الموت.
-إنما اعني موتآ أفظع .
-ليس ثمة ما هو أفظع من الموت .
-ثمة موت يدركك و أنت حي !!
فما الذي يأتي بكل هولاء علي صفحة النيل بلا انقطاع وكأن السحر لا يرحل وكأن الغسق لا يأتي إن لم يجتمعوا وها ذا أنيس بطل الرواية مثقف جدا حتى أن هذيانه من أثر الجوزة والسكر هذيا تاريخيا مفحم بالمعلومات ،، وذاك موظف متزوج محافظ وغير منفتح وأخر محام متذمر دائما وعلي السيد الرجل الأزهري العربيد السكير الذي لم تمنعه تربيته الأزهرية من العربدة مع امرأة متزوجة في العوامة وتحت مرأى ومسمع القمر ،، وهذه صحفية طموحة تتسلل بينهم خلسة لما تبديه من ترصد لهولاء المدمنين لإثقال أعمالها الفنية والأدبية ومزجها بالواقع من خلال التعايش مع حياتهم ،، وإمام يصلي بالناس ويجهر بالأذان علي وقته حتى إذا ألقى التحيات وفرغ من صلاته يلهث بحثا عن فتاة لليل الضيوف ويٌحضر الخمر ويوقد المجمرة ويشتري لهما ما يكفي نهمهما من وقود للجوزة ،، وهذه امرأة مطلقة وهذه أخرى تبحث عن السعادة الليلة وما بين كل هولاء الأشخاص وعلي اختلاف ميولهم وتوجهاتهم إلا أنهم يشتركون في الهروب من الواقع إلي الحياة اللاهثة بحثا عما فقدوه في الحياة الواقعية وبالطبع لم تكن قرقرة الجوزة والسكر والعربدة هي ملاذهم وهدفهم إنما كانت الطريق الامثل في الهروب والبحث عن المفقود
يقول الكاتب في أحداث الرواية “إن الثورات يدبّرها الدهاة وينفذها الشجعان ثم يكسبها الجبناء” وهذا كان حديث مسطول وكأن الكاتب يشير إلي القارئ بالتهديد والتحذير الشديد إياك أن تظن أن سهرة العوامة تلك سهرة مساطيل !! بل هنا يسهر الحالمون الباحثون عن الحقيقة الغائبة عن الواقع وحينما عجزوا اجتمعوا علي أن يبتعدوا عن عالم السياسة والحياة العبثية التي يطلق عليها مجازا حياة وبعضهم يجودها بالحياة الواقعية ارتؤا لانفسم السَحَر بلامبالاة فكما صور الكاتب أن السفينة تسير بلا حاجة إلينا رغم انه هو نفسه الكاتب وفي نفس الرواية يقول أن الخوف زال لان الخوف من الأمريكيين وبطش الإنجليز والبوليس والجيش والخوف من الظاهر والآراء الحرة والخوف مما نبطن للقادة وللرؤساء علمنا ألا نخاف ولكن سرعان ما يلفت انتباهنا إلي أن الثورة يكسبها من يكسبها الجبناء !! هي ليست ثرثرة وهم ليسوا مساطيل إنهم مجموعة ممن ازدرت بهم عبثية الحياة يكتشفون فجأة أن الخوف الحقيقي ليس من الموت إنما خوفهم الحقيقي من الحياة ليتجرؤون ويشهرون سيوفهم في وجه عبثيتهم وعبثا يخرجون للحياة في رحلة بعيدة عن السكر والعربدة بعيدة عن العوامة بعيدة عن الجوزة وقرقرتها والمجمرة ،، ويتنفسون هواء الوطن في فسحة حقيقة ليصطدموا بواقع الحياة حادثة تقع لهم يدهسون شخصا تحت عجلات القيادة ويهربون ليحتل عالمهم الليلي صراع الضمير ويكأن الكاتب يريد أن يشير أننا حتى في ملاذنا وهروبنا من عبثية الحياة لم نسلم من الحياة
“أطبق جفنيك حتى لا ترى الموت بعينيك”
“ويضيق الصدر بأي حكمة إلا حكمة تنعي جميع الحكم.”
“أخشى ما أخشاه أن يضيق الله بنا.”
“والحق أن الجوزة تدور لأن كل شيء يدور، ولو كانت الأفلاك تسير في خط مستقيم لتغير نظام الغرزة. وليلة أمس اقتنعت تماماً بالخلود، ولكني نسيت الأسباب وأنا ذاهب للأرشيف .”
لم يبق لي وحتى لا أنسى ذكره سوى أن الرواية التي اعتمد فيها الكاتب علي السرد الدائم والذي اشتكى منه كثير من القراء وشعر بعضهم بالملل لصعوبة كثرة الشخصيات ومسمياتهم ولكن إحقاقا للحق وان كان هناك بعض الغموض ذلك لان هذه الرواية سياسية بحتة في المقام الأول والأخير وعلي الكاتب أن يكون أكثر ذكاء وألا يعرض نفسه وقلمه للمهالك هنا كانت تتجلي عبقرية نجيب محفوظ أراد ان ينتقد أحوال البلاد وما آلت إليه من ديكتاتورية ومن سلطة الصوت الواحد الذي لا يسمع ألاهُ فكيف ينتقد الكاتب العظيم الزعيم جمال عبد الناصر في أوج مرحلة عاشتها البلاد لا صوت يعلو فوق صوت الحاكم الأعلام كله رسمي وغير رسمي يخضع لسلطة الدولة الآراء التي ليست في اتجاه الدولة تؤد في المهد فاختار الكاتب وهنا عظمت قلمه وإبداعه أن يكتب نقدا لاذعا لحكم الراحل جمال عبد الناصر بالرمزية يشير ولا يوضح تاركا المجال للقارئ أن يغوص في أعماق ما بين السطور وما يقبع بين الكلمات ويستشفي بنفسه وجع الكاتب ثورة راحت أهدافها أدراج كتب التاريخ وبالفعل ورغم محاولة الكاتب في النقد بالرمزية إلا أن الرواية أحدثت رجة عنيفة كادت أن تلقي بالكاتب حتفه في غيابات الجب حتى أن الغضب تصاعدا إلي رجال السلطة فشتد غضب صلاح نصر رئيس المخابرات آنذاك وصعد غضبه إلي المشير عامر عبد الحكيم الذي بدوره صعد الأمر إلي الزعيم جمال عبد الناصر فطلب قراءة الرواية قبل الحكم عليها وكانت المفاجأة السارة لنجيب محفوظ إذ أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يقر كل ما جاء في الرواية ويعترف اعترافا حسيا وضمنيا للمشير عامر بأنه بالفعل هناك سلبيات شديدة في أداء الحكومة بعد ثورة 52 وان الآمال المعلقة علي الثورة ونتائجها لا يتوافقان ونجا نجيب من مقصلة كادت أن تقصف قلمه للأبد .
يبقى آخر شيء في رواية ثرثرة فوق النيل تلك الرواية المتجددة التي تصلح لكل زمن كان أن أترككم مع كلمات نجيب محفوظ نفسه عن الرواية وما الذي اغضب السلطة والنظام منها يقول نجيب محفوظ
ظهرت رواية ثرثرة فوق النيل في عز مجد عبد الناصر, وفي وقت كان فيه الإعلام الرسمي يحاول ليل نهار أن يؤكد انتصار الثورة والنظام وانعدام السلبيات والأخطاء, فجاءت ثرثرة فوق النيل لتنبه إلي كارثة قومية كانت قد بدأت تطل برأسها علي السطح, وكان لابد أن يكون لها نتائجها الخطيرة, وكنت أعني بذلك محنة الضياع وعدم الإحساس بالانتماء, وهي المحنة التي بدأ الناس يعانون منها, خاصة في أوساط المثقفين الذين انعزلوا عن المجتمع, وأصبحوا يعيشون في شبه غيبوبة, فلا أحد يعطيهم الفرصة المناسبة للعمل والمشاركة, ولا هم قادرون علي رؤية الطرق الصحيحة, وفي المرة الوحيدة التي حاولوا فيها أن يعرفوا الطريق ارتكبوا حادثة رهيبة في شارع الهرم, ولاذوا بالفرار.