Don Quixote
question
أنت تجسيدٌ لما تبحث عنه

يقال 'فاقد الشيء لا يعطيه'، وأقول: 'فاقد الشيء يبحث عنه، يعطيه، يُمثله ويتمثّله'. فأنت في جوهرك، وبالسنون التي أمضيت خوضًا وبحثًا، تبحث عمّا تُعطي، تمثّل وتجسّد.
فالباحث عن اليقين، إنما هو موقن، لكنه في بحثه يريد الوصول للصورة الأسمى من اليقين، فغير الموقن لا يبحث عن اليقين أساسًا. والبائس على سبيل المثال، لا يبحث عن السعادة، فجوهره شقي. الباحث عن السعادة هو بجوهره إنسان سعيد، وإن ظن عكس ذلك.
في رواية "دون كيشوت" لميغيل دي ثيربانتس، يستهلّ الكهل كيشوت، بعد فراغه من قراءة العديد من روايات الفروسية، صهوة حصانه النحيل روسينانتي مرتديًا درعه المتهالك. يواجه طواحين الهواء التي يتوهم أنها عمالقة شريرة، لينتهي الأمر بمأساة كوميدية تكشف الفجوة بين واقع الدون كيشوت وخيالاته.
ومع ذلك، تجسّد شخصية كيشوت دور من يبحث عن الفروسية والشجاعة، ليس لأنه يفتقدها، بل لأن في جوهره فارس حقيقي يؤمن بالشرف والنبل، حتى إن لم يساعده جسده أو تعبّد الطريق له إمكاناته. قد تبدو مغامراته ساذجة أو غير منطقية للآخرين، لكنها تعكس في الحقيقة جذور الشجاعة والفروسية المتأصلة به.
في ذات السياق، لا يتجرد أمر البحث عن شيء ما من عدمين، عدم الوجود وعدم الرضا، ويمكن لهذا أن ينافي ماجرى لكيشوت، ويمكن أن يوافقه. كونه ذلك الكهل الضعيف، ذو الحصان النحيل والدرع المتهالك، وليس الفارس الباسل الذي لا يصده بأس.
قد تتأثر دوافع السعي نحو أمرٍ ما، بمحفزات أو ضغوط خارجية، ثقافية أو اجتماعية، وقد تدفع الفرد للسعي نحو أهداف لا ترتبط بجوهره الأصيل، وينتهي به الأمر متبنّيا أهدافًا تعكس توقعات مجتمعه وتقاليده، عوضًا عن قيمته الحقيقية.
السعي والبحث في الواقع تعبيران عن وجود ما تسعى إليه في جوهرك، والنظر إليهما كمظهر من مظاهر النقص يتجاهل العمق الحقيقي للتجربة الإنسانية. فلا يمكن للسّعي أن يكون استجابة للنقص فقط، بل هو احتفال بالجرأة التي تكمن داخلك.
فالباحث عن اليقين، إنما هو موقن، لكنه في بحثه يريد الوصول للصورة الأسمى من اليقين، فغير الموقن لا يبحث عن اليقين أساسًا. والبائس على سبيل المثال، لا يبحث عن السعادة، فجوهره شقي. الباحث عن السعادة هو بجوهره إنسان سعيد، وإن ظن عكس ذلك.
في رواية "دون كيشوت" لميغيل دي ثيربانتس، يستهلّ الكهل كيشوت، بعد فراغه من قراءة العديد من روايات الفروسية، صهوة حصانه النحيل روسينانتي مرتديًا درعه المتهالك. يواجه طواحين الهواء التي يتوهم أنها عمالقة شريرة، لينتهي الأمر بمأساة كوميدية تكشف الفجوة بين واقع الدون كيشوت وخيالاته.
ومع ذلك، تجسّد شخصية كيشوت دور من يبحث عن الفروسية والشجاعة، ليس لأنه يفتقدها، بل لأن في جوهره فارس حقيقي يؤمن بالشرف والنبل، حتى إن لم يساعده جسده أو تعبّد الطريق له إمكاناته. قد تبدو مغامراته ساذجة أو غير منطقية للآخرين، لكنها تعكس في الحقيقة جذور الشجاعة والفروسية المتأصلة به.
في ذات السياق، لا يتجرد أمر البحث عن شيء ما من عدمين، عدم الوجود وعدم الرضا، ويمكن لهذا أن ينافي ماجرى لكيشوت، ويمكن أن يوافقه. كونه ذلك الكهل الضعيف، ذو الحصان النحيل والدرع المتهالك، وليس الفارس الباسل الذي لا يصده بأس.
قد تتأثر دوافع السعي نحو أمرٍ ما، بمحفزات أو ضغوط خارجية، ثقافية أو اجتماعية، وقد تدفع الفرد للسعي نحو أهداف لا ترتبط بجوهره الأصيل، وينتهي به الأمر متبنّيا أهدافًا تعكس توقعات مجتمعه وتقاليده، عوضًا عن قيمته الحقيقية.
السعي والبحث في الواقع تعبيران عن وجود ما تسعى إليه في جوهرك، والنظر إليهما كمظهر من مظاهر النقص يتجاهل العمق الحقيقي للتجربة الإنسانية. فلا يمكن للسّعي أن يكون استجابة للنقص فقط، بل هو احتفال بالجرأة التي تكمن داخلك.
reply
flag
all discussions on this book
|
post a new topic