مقاله علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم : قبل أن تتحولوا الى كومبارس

 


مقاله علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم


10 إبريل 2012


قبل أن تتحولوا الى كومبارس


 


. ذهب أحد اليهود المتدينين الى الحاخام وقال له :


 


ــ ياسيدي لم أعد أستطيع أن أتحمل حياتي . رزقي قليل وبيتي ضيق أنحشر فيه مع زوجتى وأربعة عيال .. هل أجد عند الله حلا لهذا البؤس ..؟ !


 


طلب منه الحاخام أن يمهله 24 ساعة وفي اليوم التالي عاد اليهودى المتدين الى الحاخام فرأى بجواره خنزيرا . وقبل أن يسأل بادره الحاخام قائلا :


 


ــ ان الله يطلب منك أن تأخذ هذا الخنزير وتجعله يقيم معك في بيتك مع زوجتك وأولادك ..


 


كانت الفكرة غريبة لكن اليهودي المتدين كان يثق في الحاخام فأخذ الخنزير …الى بيته وعاد بعد أسبوع يشكو الى الحاخام قائلا :


ـ ان الخنزير رائحته لاتطاق وهو يتحرك باستمرار في أنحاء البيت ويتبرز في كل مكان .. ., أرجوك ياسيدي خلصني من الخنزير


 


ابتسم الحاخام وقال :


 


ـ يجب أن تحتفظ بالخنزير حتى يأذن لك الله بالتخلص منه .


 


في الأسبوع التالي ، جاء اليهودي المتدين وقد بدا عليه الارهاق الشديد وما أن سأله الحاخام حتى أجهش بالبكاء وقال :


 


ـ ارحمنى أيها الحاخام .. اننى أكاد أجن من هذا الخنزير .لقد امتلأ بيتنا بالبراز وتحطم الأثاث وصرنا عاجزين عن النوم. .. أرجوك انقذني ..


نظر اليه الحاخام وابتسم وقال ::


 


ـ الآن .. اذهب وتخلص من الخنزير


 


 


في الأسبوع التالي لما سأل الحاخام الرجل عن أحواله ضحك وقال :


ـ الحمدلله يا سيدي ..


 


صحيح اننا فقراء للغاية ونعيش محشورين في بيت ضيق لكننا الآن في منتهى السعادة لأننا تخلصنا من الخنزير اللعين . ..


 


*************


 


هذه حكاية من التراث القديم تحمل فكرة مهمة .. اذا اعترض الانسان على وضعه السيء فان اجباره على الحياة في وضع أسوأ سوف يؤدي في النهاية الى القضاء على مقاومته واجباره على تحمل الظلم .


 


هذا هو الأسلوب الذى اتبعه المجلس العسكري معنا


 


بعد أن تم خلع مبارك عن الحكم ، تسلم المجلس العسكري السلطة ووعد باعداد البلاد للمرحلة الديمقراطية لكننا نفهم الآن بوضوح ماذا فعل المجلس العسكري بنا ..


 


فقد حافظ على نظام مبارك وفي نفس الوقت انهالت على المصريين أزمات رهيبة كلها مصطنعة : انفلات أمنى وفوضى شاملة وأزمات في مواد الغذاء والوقود ..كل ذلك فعله المجلس العسكري عمدا من أجل اعداد المصريين لما يحدث الآن ..


 


بعد أن تصل معاناة المصريين الى ذروتها يعاد طرح نظام مبارك عليهم من جديد في صورة ترشيح عمر سليمان رئيس مخابرات مبارك والمسئول معه عن كل الجرائم التى ارتكبها ..


 


المجلس العسكري يتوقع من المصريين أن يتصرفوا مثل اليهودى المتدين في الحكاية .. أن يفرحوا بعمر سليمان لأنه الوحيد القادر على حل الأزمات التى صنعها المجلس العسكري نفسه .. عندئذ يستعيدون الأمن و ينسون ثورتهم على نظام مبارك ويدخلون كالقطيع في طاعة عمر سليمان ولواءات المجلس العسكري …..


 


ان المجلس العسكري يدفع بعمر سليمان الى السلطة عبر انتخابات رئاسية غير ديمقراطية وغير عادلة وهي انتخابات باطلة قبل أن تبدأ للأسباب التالية :


 


 


أولا :: انعدام الشفافية


=============


 


في أية ديمقراطية حقيقية لابد أن يعلن المرشح للرئاسة عن مصدر تمويل حملته انتخابية لكن المجلس العسكري يتجاهل هذه القاعدة تماما ..هناك مرشحون ينفقون ملايين الجنيهات شهريا ولا يسألهم أحد من أين لهم هذه الثروات .. من الذى يدفع ايجار مئات الأتوبيسات المكيفة التى تنقل أنصار المرشحين الى كل مكان ..؟ !


 


لقد عرفت أن اللافتة الانتخابية الثابتة الواحدة يتراوح ايجارها الشهري بين بين 10 آلاف جنيه للحجم الصغير و200 ألف جنيه للافتة الكبيرة في موقع مميز .. بعض المرشحين لديهم آلاف اللافتات الدعائية في كل المدن المصرية ..من حق المصريين أن يعرفوا من يمول هؤلاء المرشحين ..؟! و ما صحة ما ينشر عن أن بعض الدول العربية تتولى دعم بعض المرشحين ماليا …؟ !.


 


هل يجوز أن تحدد دولة أخرى ( حتى لو كانت عربية ) من يكون رئيس الجمهورية في مصر ..؟ .. السيد عمر سليمان صديق حميم لاسرائيل ولطالما تمنى المسئولون الاسرئيليون علنا ان يحكم سليمان مصر خلفا لمبارك ( صديق اسرائيل المخلص ) وفي نفس الوقت فان سليمان مدعوم أيضا من ملك السعودية الذى أرسل له طائرته الخاصة واستضافه لاجراء مباحثات معه بالرغم من أنه لم يعد يشغل اى منصب رسمي .


 


******************


 


ثانيا تطبيق القانون بشكل انتقائي


 


====================


 


القانون يتم تطبيقه على بعض المرشحين للرئاسة بينما يتم اعفاء مرشحين آخرين من أية ملاحقة قانونية مهما فعلوا . وزارة الخارجية المصرية بذلت مجهودا مضنيا من أجل الحصول على جواز السفر الامريكي الذى كانت تحمله والدة المرشح حازم ابواسماعيل وبالتالي سوف يتم حرمانه من الترشح طبقا للقانون ..في نفس الوقت فان أحدا في مصر لايجرؤ فيما يبدو على الاقتراب من أحمد شفيق ( رئيس وزراء مبارك ) الذى تم تقديم عدد 35 بلاغا ضده بتهمة التربح واهدار المال العام .. ماحدث في البلاغات المقدمة ضد شفيق يعتبر سابقة قانونية لم تحدث في مصر من قبل ..فقد تم تقديم هذه البلاغات الى النائب العام منذ عام كامل ولم يتم التحقيق مع شفيق حتى الآن .


 


الغريب أن مكتب النائب العام يؤكد أن البلاغات ضد شفيق قد تم تحويلها للقضاء العسكري بينما يؤكد رئيس القضاء العسكري انه لا توجد لديه أية بلاغات ضد شفيق ..أى أن البلاغات ضد أحمد شفيق ربما ضاعت وهي في طريقها من مكتب النائب العام الى مبنى القضاء العسكري . أما السيد عمر سليمان فهو مسئول مع حسني مبارك عن كل الجرائم التى يحاكم بسببها ، بالاضافة الى مسئوليته الكاملة عن تصدير الغاز لاسرائيل بأسعار منخفضة أضاعت على مصر حقها في مليارات الدولارات وهو المسئول الأول عن حصار غزة الذى استشهد بسببه عشرات الفلسطينيين وهو المسئول أيضا عن جرائم تعذيب معتقلين نشرت الصحف العالمية انهم تم ارسالهم من الولايات المتحدة الى مصر بغرض تعذيبهم وانتزاع اعترافات منهم واعادتهم الى الولايات المتحدة .. عمر سليمان الذى حاول اجهاض الثورة المصرية وكاد يجهش بالبكاء وهو يعلن تنحى أستاذه مبارك عن الحكم والذى أعلن ان المصريين في رأيه شعب متخلف لايستحق الديمقراطية .. عمر سليمان كان يجب أن يحاكم وفقا لقانون الغدر ويعزل سياسيا لكن المجلس العسكري ظل يحميه حتى يدفع به اللحظة المناسبة الى السلطة ليعيد نظام مبارك ويقضى على الثورة … ..


 


******************


 


ثالثا : تدخل جهاز الدولة لصالح مرشح المجلس العسكري


=================================


 


أثناء عمل توكيلات لمرشحي الرئاسة تم حشد الموظفين في أكثر من هيئة حكومية من أجل توكيل أحمد شفيق وعمر سليمان بل ان موظفى الشهر العقاري بناء على تعليمات كانوا يسهلون كتابة التوكيلات لاحمد شفيق ويضعون العراقيل أمام توكيلات مرشحي الثورة.. ان جهاز الدولة المصرية الفاسد الذى حافظ عليه المجلس العسكري سيتدخل بكل ثقله من اجل انجاح عمر سليمان بالطرق القديمة مثل التصويت الجماعي للموظفين وشراء الاصوات في المناطق الريفية والفقيرة . يكفى أن نتأمل مشهد عمر سليمان وهو يتقدم بأوراق ترشحه بينما مجموعة من كبار ضباط الشرطة المدنية والعسكرية يحيطون به من كل جانب ليحرسوه .. .. ضباط الشرطة الذين تركوا مصر كلها فريسة لانفلات امنى رهيب على مدى أكثر من عام وضباط الشرطة العسكرية الذين قتلوا المتظاهرين وسحلوا بنات مصر وهتكوا أعراضهن . هؤلاء الضباط يجتمعون اليوم لتوفير الحراسة الكاملة للسيد عمر سليمان نائب حسني مبارك احتراما وتبجيلا منهم لمبارك ونائبه


 


******************


 


رابعا : استعمال دور العبادة في الدعاية السياسية


 


=============================


 


بالمخالفة للقانون تحول معظم خطباء المساجد في كل انحاء مصر الى ممارسة الدعاية السياسية . حدث ذلك في الاستفتاء حول التعديلات الدستورية وحدث في انتخابات مجلسي الشعب والشورى وسوف يحدث بالقطع في انتخابات الرئاسة .. فاذا اضفنا الى ذلك ان نظام مبارك لازال موجودا بنفس تشكيله القديم الذى يجعل معظم الخطباء خاضعين لضباط امن الدولة فان المساجد لن تستعمل هذه المرة في صالح مرشحي الاسلام السياسي وانما لصالح عمر سليمان الذى سوف يستعمل المجلس العسكري كل الوسائل المتاحة من أجل انجاحه .


 


******************


 


خامسا : لجنة عليا للانتخابات قراراتها محصنة


 


===========================


 


على طريقة حسني مبارك تم تشكيل لجنة عليا للاشراف على الانتخابات قراراتها محصنة ضد الطعن .. أى واقعة تزوير مهما كانت واضحة وفجة وموثقة اذا لم تعترف بها اللجنة العليا فسوف يتم التغاضى عنها .. المادة 28 من الاعلان الدستوري التى تحصن قرارات اللجنة العليا تتعارض مع المنطق والقانون بل و تتعارض مع الاعلان الدستوري ذاته الذى يؤكد في المادة 21 انه لايجوز تحصين أى قرار اداري ضد الطعن .. هذه المادة تم نقلها من الدستور القديم وفقا لرغبة المجلس العسكري وموافقة الاخوان حتى يتمكن المجلس العسكري من وضع عمر سليمان في منصب الرئيس فلا يجوز لنا الطعن على التزوير ..


 


******************


 


كل هذه العيوب القانونية الفاحشة تضعنا وجها لوجه أمام الحقيقة : ان الانتخابات الرئاسية ليست عادلة ولانزيهة بل هي مسرحية تم اعدادها بين العسكر والاخوان للوصول الى نتيجة محددة .


 


وهي مثل أى مسرحية فيها ممثلون رئيسيون وممثلون ثانويون


( كومبارس ) ..


 


لواءات المجلس العسكري والاخوان المسلمون هم أبطال المسرحية لأنهم حلفاء عقدوا بينهم اتفاقا سريا وترتيبات لا نعرف عنها نحن المتفرجين شيئا ..


 


أما الكومبارس فهم المرشحون المستقلون


 


( سواء من التيار الاسلامي أو الليبرالي أو اليسارى )


 


هؤلاء جميعا شخصيات وطنية عظيمة ينتمون للثورة ومعظمهم يصلح لمنصب الرئيس لكنهم حتى الآن لم ينتبهوا أنهم يؤدون أدوارا ثانوية في مسرحية نهايتها محددة سلفا .


 


انهم للأسف أشبه بالكومبارس الذى يظهر على المسرح ليشعل السيجارة للبطل أو يخبره بأن البطلة في انتظاره ثم يختفى بعد ذلك الى الأبد ..


 


يجب أن يدرك مرشحو الثورة انهم لا يخوضون انتخابات وانما معركة شرسة يحاول فيها المجلس العسكري أن يعيد حسني مبارك الى الحكم في صورة نائبه عمر سليمان .أتمنى أن يتوحد مرشحو الثورة خلف اسم واحد نصطف خلفه جميعا لنخوض معركة أثق أنها سوف تطلق حتما ـ باذن الله ـ الموجة الثانية من الثورة التى سوف تحرر مصر من نظام مبارك لتبدأ المستقبل .


 


الديمقراطية هي الحل


 


 

1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 09, 2012 13:08
No comments have been added yet.


Alaa Al Aswany's Blog

Alaa Al Aswany
Alaa Al Aswany isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow Alaa Al Aswany's blog with rss.