بدون نظارة

ماذا نحتاج حين نعاني من طول أو قصر النظر؟ إلى من نذهب؟ الأهم لماذا؟


كنت أعاني من قصر النظر لفترة طويلة، حتى أني نسيت مامعنى أن أرى بوضوح، وطبعا الحل كان النظارة. في بداية استخدامي لها كنت أخلعها وأرتديها طوال الوقت حتى أقارن بين العالمين! نعم كل شيء اختلف. عشت لفترة طويلة وأنا أرتدي النظارة حيث ذهبت –حالي حال الكثير. قصة مملة؟


 


في غرفة مشتركة بمستشفى ما، يجلس العم “محمد” بهدوء، يفصل بين العم “محمد” وبين مريض آخر ستارة بيضاء اهترأت، أما ما يُبعد الرجلين حقيقة هو ماتحدثت عنه في بادئ الأمر.


 


فالعم محمد أُصيب منذ سنين طوال بالسكري وأهمله، حتى تكالب الدهر والمرض عليه، هاهو الآن بانتظار عمليته التي سيتم فيها بتر اصبع من اصابع قدمه. كان العم محمد قبل ذلك شخصاً يرى الحياة زاهية ملونة على حد قول ابنه، أما الآن فهو لايكاد يرد السلام من التعاسة.


 


أما الشخص الآخر فهو قريباً سيلحق بالعجوز الأول إلي غرفة العمليات بعد أن أُصيب فجأة في حادث سير أودى بقدمه كاملة، وعلى الرغم من ذلك يستطيع المار سماع صوت ضحكاته، مجنون ربما؟


 


في الدقائق الأخيرة قبل ذهاب أحدهما، سُئل الرجل الآخر: كيف تضحك الآن؟ سيبترون قدمك، كف عن الإنكار


رد بك بساطة: أعرف، لكني عشت عمري كله وأنا أرى الحياة ملونة، يشيح بصري عن لون ليسقط على الآخر، عندما ضعف نظري أجريت عملية تصحيح للنظر، حتى لا يهدد هذا الوضوح شيء، وكما أني لم أرضى بالنظارة التي قد تُسلب أو تُسرق مني أو تقع أرضاً فتنكسر فأنا لا أسمح لأي شيء أن يسرق نظرتي للحياة. كنت طبيباً قبل وقت طويل وكنت أرى الناس يموتون، يكتئب الكل، فأذهب إلى زوجتي وأولادي وأقبلهم، يرى الناس الموت فأشعر بقيمة الحياة، يحزن الناس فأقدّس الفرح، وهكذا هم الناس، يرتدون النظارات يفرحون حيناً ثم تسقط نظاراتهم فيفزعون، أما من يجري عملية تصحح نظر للحياة فهو بالضبط كمن أجرى عملية لضعف نظره، يرى العالم بوضوح دون أي مهددات..


 


أُجريت العملية للإثنين، ذهبت إلى عم محمد فوجدته على ماكان عليه قبل كل شيء، وذهبت إلى الرجل الآخر فوجدته على ماكان عليه أيضاً. ومن يومها أحاول أن أرى الحياة بدون نظارة..


 


Image


 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 16, 2014 10:57
No comments have been added yet.