Alaa Al Aswany's Blog, page 2

October 23, 2012

مقاله علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم : عن هيبة الدولة ورموز الوطن

 


مقاله علاء الأسواني  فى جريدة المصرى اليوم


23 اكتوبر 2012


عن هيبة الدولة ورموز الوطن


 


حدث ذلك منذ سنوات طويلة..


 


كنت حديث التخرج أعمل نائباً (طبيب مقيم) فى قسم جراحة الفم بجامعة القاهرة وكنت أتدرب على إجراء الجراحات. ذات يوم كنت أجرى جراحة فى فم أحد المرضى عندما مر مدرس بالقسم معروف بشراسته. انتظر المدرس حتى انتهيت من الجراحة ثم قال لى:


 


ــــ الطريقة التى أجريت بها الجراحة غلط.


 


دخلت مع المدرس فى مناقشة علمية طويلة دافعت فيه عن وجهة نظرى لكنه أصر على أن ما فعلته خطأ. أثناء الحديث لمحت أحد أساتذة القسم فطلبت منه أن يتدخل ليحكم بيننا. عرضت للأستاذ وجهتى النظر (بدون أن أحدد من منا يتبنى أى رأى). فوجئت بالأستاذ يتطلع نحو المدرس ويسأله:


 


ــ إنت رأيك إيه..؟


 


قال المدرس رأيه فقال له الأستاذ:


 


ــ إنت رأيك صح.


 


أحسست بالقهر والغضب، وفى اليوم التالى أحضرت معى كتابا شهيراً فى الجراحة وذهبت إلى مكتب الأستاذ وما إن رآنى ومعى المرجع حتى قال ساخراً:


 


ــ إنت جايب لى الكتاب عشان تثبت رأيك.. ؟! أنا عارف إن رأيك صح.


 


ــ لكن حضرتك قلت إن رأيى غلط؟


 


تطلع إلىَّ الأستاذ وقال بلهجة من يلقى بحكمة عميقة:


 


- أنت مازلت نائباً، وهو مدرس أكبر منك بعشر سنوات على الأقل.لا يمكن أقول له إنه غلطان قدامك. لازم أحتفظ له بالهيبة.


 


لم أجد فائدة فى الحديث مع الأستاذ فشكرته وانصرفت. بعد شهور سنحت لى الفرصة فسافرت للدراسة فى جامعة إلينوى بالولايات المتحدة وأسعدنى الحظ بالعمل مع واحد من أهم علماء الهيستولوجى (علم الأنسجة) فى العالم هو الدكتور دنيس ويبر. كنا مجموعة بحثية من طلبة الماجستير والدكتوراه يشرف علينا الدكتور ويبر الذى جمعنا بعد شهر وقال:


 


ــ اسمعوا. أريد أن أستمع إلى أفكاركم. إذا كان هناك ما يضايقكم فى العمل أو كنتم تعتقدون أننى قد ارتكبت أخطاء أرجوكم قولوا لى.


 


كان الموقف فوق قدرتى على الاستيعاب فلذت بالصمت، أما زملائى فقد اشتدوا فى نقد الدكتور ويبر، وراح كل واحد منهم يدلل على نقده بأمثلة عملية فى عملنا البحثى. ظل العالم الكبير هادئاً يسجل كل الملاحظات وفى النهاية قام بالرد عليها واحدة واحدة وشرح لنا خطة العمل بالتفصيل واعترف ببعض التقصير وتعهد بإصلاحه ثم شكرنا وأنهى الاجتماع. ظللت أياماً أراقب علاقة الدكتور ويبر بالطلبة الذين انتقدوه بقسوة فوجدت معاملته الطيبة لهم لم تتغير.


 


هاتان الواقعتان أتذكرهما معاً. فى جامعة القاهرة الأستاذ دائما على حق حتى لو أخطأ حفاظا على هيبته أمام الأطباء الشبان، وفى جامعة إلينوى يطلب منك أستاذ كبير أن تقول ملاحظاتك السلبية على عمله ثم يستمع ويشرح ويعترف بتقصيره ويعد بإصلاحه.


 


هذا هو الفرق بين الاستبداد والديمقراطية. لو أنك بحثت فى كل وسائل الإعلام الغربية عن كلمة «هيبة الدولة» فلن تجدها أبداً لأن الهيبة الوحيدة للقانون. أما فى مصر فإن مصطلح الهيبة شائع ومتكرر وهو يخفى دائماً ظلماً وتعسفاً.. هيبة الدولة معناها الاستبداد بحياة المواطنين وهيبة الشرطة معناها قمع المواطنين وضربهم وتعذيبهم وتلفيق التهم لهم إذا اعترضوا.


 


هيبة القضاة معناها ألا تجرؤ على أن تنقد قاضياً حتى لو اشترك فى تزوير الانتخابات أو ثبت أن له علاقة بأمن الدولة. هيبة الرئيس معناها أن يحاكم ويسجن أى شخص بتهمة إهانة الرئيس، بل إن مفهوم الهيبة ينتقل كالعدوى. بعد أن صار رئيس مصر من الإخوان انتقل الإحساس بالهيبة إلى قياديى الإخوان فصاروا يتعاملون مع خلق الله باستعلاء وغطرسة. منذ أيام أجرى القيادى الإخوانى عصام العريان مداخلة تليفزيونية مع مذيعة من أفضل الإعلاميين المصريين هى جيهان منصور ولما احتدم النقاش اتهم «العريان» المذيعة بالرشوة وأكد أنها تقبض من جهات ما لتهاجم الإخوان.


 


لا يوجد فى العالم الديمقراطى ما يسمى «هيبة الدولة أو رموز الوطن».. هذه مصطلحات الاستبداد. فى الديمقراطية لا توجد هيبة إلا هيبة القانون ولا يوجد رمز للوطن إلا المواطن نفسه. الإنسان الذى أنشئت الدولة أساساً لحماية حقوقه وكرامته.. الحاكم فى مجتمع الاستبداد هو رمز الوطن لأنه بمثابة شيخ القبيلة، فهو يعرف مصلحتنا أكثر منا ويقرر بالنيابة عنا وهو يأمرنا فنطيع وغالبا ما يكون ظالماً وفاسداً لكننا لا نجرؤ على محاسبته لأن ذلك يعد مساساً بهيبة الدولة وتطاولاً على رموز الوطن.. فى البلاد الديمقراطية الحاكم خادم الشعب بمعنى الكلمة، من حق أبسط مواطن ولو كان كناساً فى الشارع أن يحاسب الرئيس وأن يشتد فى نقده فلا يعاقبه أحد، بل إن القانون فى البلاد الديمقراطية يحمى المواطن العادى من السب والقذف ولا يحمى رئيس الدولة.


 


لو أنك قلت لجارك أمام الشهود: «أنت كذاب وأفاك» يستطيع أن يقاضيك ويحصل على تعويض أما لو ظهرت فى التليفزيون وقلت إن رئيس الوزراء أفاك وكذاب فلن يعاقبك القانون لأنه يسمح بنقد المسؤول الحكومى مهما كان النقد قاسياً ومقذعاً تحقيقاً للصالح العام. فى مصر يبدو الرئيس مرسى مستمتعاً بمحاكمة المصريين وحبسهم بتهمة إهانة الرئيس. هناك مواطن اسمه بيشوى البحيرى يقضى عامين فى السجن لأنه أهان الرئيس مرسى على موقع فيس بوك وكأن رئيس الدولة ذات مقدسة لا تمس. الرئيس مرسى نفسه تربى فى جماعة الإخوان المسلمين التى ينشأ أعضاؤها على الطاعة المطلقة وتقبيل يد المرشد، ولقد رأينا فى تسجيل فيديو كيف يتزاحم أعضاء الإخوان حتى يفوز المحظوظ منهم بوضع الحذاء فى قدم المرشد الكريمة الطاهرة. من تربى فى هذا الجو سوف يحمل ثقافة الاستبداد قطعاً. بعد أن نجح الرئيس مرسى فى تنحية المجلس العسكرى عن السلطة دعا إلى القصر الجمهورى بعض الشخصيات العامة كنت بينهم. ذلك اليوم وجهت إلى الرئيس سؤالاً محدداً:


 


ــ لماذا قمت بتكريم المشير طنطاوى والفريق عنان بينما تطالب القوى الثورية بمحاكمتهما على المذابح التى حدثت فى عهدهما..؟! وهل يعتبر تكريمك لهما نوعاً من الاتفاق معهما على الخروج الآمن بحيث تضمن لهما عدم ملاحقتهما قانونياً..؟!


 


عندئذ أجاب الرئيس مرسى بحماس:


 


ــ أريد أن أؤكد لكم جميعاً أنه بعد الثورة لا يوجد أى شخص فوق المحاكمة حتى لو كان المشير طنطاوى أو الفريق عنان.


 


هذا ما قاله الرئيس أمام شهود كثيرين وكالعادة فعل عكس ما يقول. فى الأسبوع الماضى تدفقت البلاغات ضد المشير طنطاوى والفريق عنان تتهمهما بالكسب غير المشروع وتضخم الثروة بينما هما موظفان عموميان لهما رواتب ثابتة وتتهمهما أيضا بالمسؤولية عن قتل المصريين فى المذابح التى حدثت فى عهدهما.. كل هذه اتهامات جدية تستدعى المحاكمة لكن الجيش أصدر بيانا يدين فيه إحالة طنطاوى وعنان إلى المحاكمة ويعتبر ذلك تعدياً على هيبة القوات المسلحة وإهانة لرموز الوطن..


 


أما الرئيس مرسى فقد تملّكه الخوف وأعلن فى اليوم التالى أنه لن يسمح أبداً بإهانة رموز الجيش ولا قياداته الحالية أو السابقة.. كما أكد الرئيس أنه يريد أن يطمئن الجيش على مخصصاته وميزانيته ومشروعاته التى لن يمسها أحد.. إن المنطق الذى يقدمه بيان الجيش وهو يرفض محاكمة طنطاوى وعنان يعنى ببساطة أن المصريين ليسوا سواء أمام القانون. مادمت ضابطاً كبيراً فى الجيش فمن حقك أن تفعل ما تشاء وليس لأحد أن يحاسبك لأنك أصبحت رمزاً للوطن. من حق أى قائد للجيش، إذن، أن يأمر جنوده فيقتلوا المتظاهرين ويلقوا بجثثهم فى القمامة ويسحقوهم بالمدرعات ويهتكوا أعراض البنات ويسحلوهن فى الشوارع. وليس من حقنا أن نحاسب أحداً على هذه الجرائم حفاظاً على هيبة الجيش.


 


من حق قائد الجيش أن يقتنى القصور والأراضى الشاسعة ويراكم ثروة ضخمة ولا يجرؤ أحد على سؤاله «من أين لك هذا؟!»، لأنه صار رمزاً للوطن لا تجوز مساءلته.. فى مصر التى يعيش نصف سكانها تحت خط الفقر تنشئ القوات المسلحة مشروعات بالمليارات لا نعرف عنها شيئاً. أموال طائلة نرى آثارها على بعض قادة الجيش ولا نعرف أبداً حجمها ولا مصدرها ولا طريقة توزيعها وكأن الجيش قد صار دولة داخل الدولة. إن احترامنا واعتزازنا بالقوات المسلحة ثابت وعميق لكن حماية المخطئين لأنهم عسكريون سلوك ظالم لا يمكن قبوله فى دولة محترمة. إذا كان الرئيس مرسى يرى فى محاكمة المشير طنطاوى والفريق عنان مساساً بهيبة الجيش فلماذا يوافق على محاكمة أحمد


 


شفيق الذى كان قائدا للطيران وبالتالى يعتبر رمزا للوطن مثل طنطاوى..؟! وإذا كان ذلك منطق مرسى فلماذا يوافق على محاكمة مبارك.. ألا يعتبر أيضاً رمزاً للوطن؟!


 


وهل يجوز محاكمة جمال وعلاء مبارك.. ألا يعتبران أيضاً رمزين (ولو صغيرين) للوطن مثل أبيهما.. فلنتعلم من الآن فصاعدا أن الوطن ليس له رموز.رمز الوطن الوحيد هو المواطن. الدولة ليس لها هيبة لكنها تستمد هيبتها من قوة القانون وليس من حماية القتلة والفاسدين.. إن صورة الرئيس مرسى الآن أوضح من أى وقت مضى. الرئيس مرسى رجل يعد ولا يفى أبداً وهو يقول كلاماً جميلاً ويأتى بأفعال قبيحة. الرئيس مرسى مصر على إبقاء الإخوان المسلمين كتنظيم خارج القانون وفوق المحاسبة. إننا لا نعرف ميزانية الإخوان ولا نعرف إذا كانوا يتلقون تمويلاً من داخل مصر أو خارجها، بل إننا لا نعرف إن كان الرئيس مرسى يتخذ قراراته بنفسه أم أنه يتلقى تعليماته من مرشد الإخوان الذى قد يكون الحاكم الفعلى لمصر، بل يتضح الآن لنا ما هو أخطر: لقد عقد الرئيس مرسى اتفاقاً للخروج الآمن مع المجلس العسكرى ضمن فيه عدم ملاحقة أعضائه قضائياً وهكذا تنكر الرئيس لدماء الشهداء وأعطى عفواً لا يملكه إلى من لا يستحق.. مرة أخرى تخلى الإخوان عن الثورة وباعوا مبادئها من أجل السلطة.


 


لقد قامت الثورة المصرية من أجل الحق والعدل.. لن تسمح الثورة بأن يكون أحد فوق المحاسبة مهما يكن منصبه فى الدولة.. الثورة مستمرة حتى تتحقق أهدافها كاملة.


 


الديمقراطية هى الحل


 [email protected]


 


 

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 23, 2012 11:49

October 16, 2012

مقالة علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم : الرئيس الذى يخدم سيدين

 


مقالة علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم


الرئيس الذى يخدم سيدين


16 اكتوبر 2012


 


هل كانت الثورة المصرية قانونية ..؟ هل كان تظاهر ملايين المصريين من أجل خلع مبارك تصرفا دستوريا ..؟ ألم يكن حسني مبارك عندما قامت الثورة ، من الناحية القانونية ، رئيسا شرعيا منتخبا ..؟ كل ما حدث في الثورة المصرية كان مخالفا للقانون .لقد قامت الثورة أساسا ضد انتخابات مبارك المزورة وقوانينه الظالمة ودستوره الفاسد.


 


لو كان دستور مبارك معبرا عن الارادة الشعبية ولو كانت قوانين مبارك عادلة لما احتاج المصريون الى الثورة . الثورة دائما تقوم لاسقاط النظام الظالم بقوانينه ودستوره ثم تنتقل السلطة الى الشعب الثائر ليمارس بالشرعية الدستورية تطهير الدولة من الفاسدين ثم يتم انتخاب جمعية تأسيسية لكتابة دستور جديد يعبر عن أهداف الثورة ويتم تشريع منظومة قوانين جديدة تحقق العدالة التى قامت الثورة من أجلها ..


 


هذا ما فعلته الثورات جميعا خلال التاريخ الانساني … أما الثورة المصرية فقد نجحت في خلع مبارك ولم تنجح حتى الآن في اسقاط نظام مبارك . اتفق المجلس العسكري مع الاخوان المسلمين على الابقاء على النظام القديم وبدلا من الغاء الدستور القديم تم تقديم التعديلات الدستورية ذاتها التى اقترحها مبارك وعين العسكر لجنة تعديلات تضم رجال قانون تابعين لنظام مبارك وآخرين ينتمون الى الاخوان المسلمين . .. أذكر أننى اتصلت بأحد أعضاء اللجنة وهو أستاذ قانون معروف بانتمائه للاخوان ..


 


سألته مباشرة :


 


ـ لماذا تريدون تعديل الدستور القديم الذى أسقطته الثورة .. أليس الواجب أن تكتب الثورة دستورا جديدا معبرا عنها ..؟


 


وافقنى على رأيي ثم قال كلاما كثيرا لتبرير التعديلات الدستورية وبعد حوار طويل قال لي بوضوح :


 


ـ الشرعية انتقلت من الثورة الى المجلس العسكري وله الآن أن يفعل ما يشاء .


 


شيئا فشيئا اتضحت الصفقة بين الاخوان والعسكر ، المجلس العسكري المعاد للثورة الذى يريد القضاء عليها بأى طريقة وجد في الاخوان حليفا منظما قادرا على حشد البسطاء عن طريق خطباء المساجد ورشاوى الزيت والسكر ليصوتوا بما يريده المجلس العسكري ، والاخوان المتعطشون للسلطة بأى طريقة تحالفوا مع العسكر لكي يضمنوا الوصول الى الحكم . الاخوان انقلبوا على الثورة وتخلوا عن أهدافها ونادوا بالانتخابات أولا حتى يتمكنوا من كتابة الدستور الذى يريدون … من أجل كسر ارادة الثوريين ،


 


تسبب المجلس العسكري في مذابح عديدة راح ضحيتها مئات الشهداء وآلاف الجرحي وسط مباركة اخوانية كاملة لدرجة أن رموز الاخوان لعنوا الثوار واتهموهم بالبلطجة.. في النهاية حدث الخلاف بين العسكر والاخوان وتم حل مجلس الشعب ووجد المصريون أنفسهم في انتخابات الرئاسة مضطرين اضطرارا الى انتخاب الرئيس مرسي ليس حبا في الاخوان ولا اقتناعا بأفكارهم وانما من أجل حماية الثورة واسقاط شفيق تلميذ مبارك المخلص..


 


بعد ثلاثة أشهر من حكم الرئيس مرسي نراه للأسف يبتعد عن تحقيق أهداف الثورة ويعقد تحالفا مع فلول نظام مبارك لصالح الاخوان . في وسط هذا المشهد المضطرب جاءت أزمة النائب العام عبد المجيد محمود . تحدث معه مستشارو الرئيس وعرضوا عليه بشكل ودى تقديم استقالته على أن يتولى منصب سفير مصر في الفاتيكان . وافق النائب العام وطلب أن يكون سفيرا في بلاد عربية لأنه لايجيد اللغات . وفي اليوم التالي غير النائب العام رأيه وأعلن أنه متمسك بمنصبه واعتبر مكالمة مستشاري الرئيس تهديدا له وتعديا على استقلال القضاء . وتضامن مع النائب العام كثيرون . بعضهم ثوريون يخشون من سيطرة الاخوان على القضاء ومعظمهم فلول النظام القديم الذين يشكل بقاء النائب العام أكبر ضمانة لحمايتهم من المحاسبة عما اقترفوه في عهد مبارك . عبد المجيد محمود اختاره حسني مبارك وأحضره من نيابة أمن الدولة التى عمل فيها سنوات طويلة ليعينه نائبا عاما . . سأستشهد هنا بما أعلنه مركز النديم لمناهضة التعذيب الذى أصدر بيانا قال فيه :


 


" ان مركز النديم استقبل الآلاف من حالات التعذيب والتى دأب مكتب النائب العام عبد المجيد محمود على اغلاق ملفاتها واحداً تلو الآخر بقرار لا يقبل الطعن عليه ، وذلك بأن يُحفظ " لعدم كفاية الأدلة"، وبذلك حرم آلاف الضحايا من الوصول إلى ساحة المحاكم بحثا عن العدالة. "


 


هذا بخلاف عشرات القضايا التى أخضعها النائب العام لموائمات سياسية مثل قضية عبارة الموت وقتل المتظاهرين وقضايا فساد أحمد شفيق وغيرها . فلنتوقف اذن عن ربط النائب العام باستقلال القضاء . ان بقاء النائب العام قي منصبه ليس انتصارا لاستقلال القضاء وانما انتصار لنظام مبارك الذى استطاع أن يفرض أحد أهم رموزه في منصبه لأربعة أعوام قادمة بكل ما يعنى ذلك من الموائمات السياسية التى ستمنع أى تغيير ثوري أو أية محاسبة جادة للفاسدين. هؤلاء الغاضبون لاستقلال القضاء أين كانوا عندما انتهكت الولايات المتحدة سيادة مصر وانصاع لها المجلس العسكري وقام المستشار عبد المعز بعقد محكمة خاصة من أجل الافراج عن المتهمين الأمريكين ..؟!.


 


العجيب أن الذين هللوا لبقاء النائب العام هم أنفسهم الذين منعوا اقالة المستشار عبد المعز أو محاسبته على تهريب المتهمين الأمريكيين .. أنصار استقلال القضاء لماذا لم نسمع آراءهم في انتداب بعض القضاة في الوزارات مقابل مكافآت سخية بينما هم يفصلون في قضايا قد يكون منها ما يخص الوزارات التى يعملون فيها ..؟ ما رأيهم في بعض القضاة الذين شاركوا في تزوير الانتخابات وما رأيهم في تعيين أولاد بعض المستشارين في النيابة بتقدير مقبول ومنع المتفوقين من أبناء العامة .. معظم القضاة في مصر شرفاء مستقلون من وحي ضمائرهم لكن النظام القضائي في مصر ليس مستقلا ولايمكن أن يكون النائب العام الذى أهدر حقوق الشهداء نموذجا لأى قضاء مستقل … تغيير النائب العام كان هدفا أصيلا من أهداف الثورة .. لماذا اذن عندما حاول الرئيس مرسي اقالة النائب العام انقلبت عليه الدنيا وهاجمه الجميع بمن فيهم بعض الثوار.. ؟!


 


السبب انعدام الثقة بين الرئيس مرسي والقوى الثورية . الثوار يذكرون جيدا تاريخ الاخوان في الصفقات الانتهازية وتخليهم عن الثورة من أجل مصالحهم كما أن العلاقة بين الرئيس وتنظيم الاخوان المسلمين غامضة تماما .لا يعرف أحد فعلا ان كان الرئيس مرسي يتخذ قراره بنفسه أم أنه ينفذ تعليمات مرشد الاخوان .. لماذا قام الرئيس مرسي بتكريم المستشار عبد المعز الذى ارتبط بفضيحة تهريب المتهمين الأمريكيين .؟!.لماذا كرم الرئيس مرسي المشير طنطاوي والفريق عنان بدلا من محاكمتهما وهل ماحدث صفقة للخروج الآمن ولماذا لم يتم التحقيق في المذابح التى قام بها المجلس العسكري ..؟ لماذا امتنع الرئيس مرسي عن تطهير وزارة الداخلية بل انه احتفى باللواءات الموالين لنظام مبارك واختار منهم وزير الداخلية أحمد جمال الدين وهو المسئول عن مذبحة محمد محمود لكن الرئيس مرسي بدلا من محاكمته قلده الوزارة ليضمن ولاءه للاخوان ..لماذا أبقى الرئيس على جهاز الأمن الوطنى ولم يلغه أو يجعل منه وحدة لجمع المعلومات كما طلبت الثورة ولماذا اختار الرئيس اللواء خالد ثروت المسئول عن ملف الاخوان ليكون رئيسا لجهاز الأمن الوطني ..؟! لماذا لم يلغ الرئيس مرسي وزارة الاعلام كما طالبت الثورة بل وضع على رأسها أحد الاخوان المسلمين الذى يتلخص دوره حتى الآن في قمع كل من ينتقد الاخوان ..؟! …


 


معظم القرارات التى اتخذها الرئيس مرسي لا تفيد الثورة بل تهدر أهدافها وتعقد ارتباطا جديدا بين الاخوان ونظام مبارك . أليس من حق الناس بعد كل ذلك أن يتشككوا في الغرض من قرارات الرئيس ؟!.. اقالة النائب العام مطلب شعبى كيف ينجزه الرئيس بيد وهو بيده الأخرى يهدر أهداف الثورة لصالح الاخوان المسلمين … لا يمكن للرئيس مرسي أن يخدم سيدين ( كما قال الانجيل ) . لايمكن للرئيس أن يكون مخلصا لأهداف الثورة ومصالح الاخوان في نفس الوقت . ان ما حدث يوم الجمعة الماضى أكبر دليل على هذا التناقض فبينما الرئيس مرسي يحاول اقالة النائب العام حشدت جماعة الاخوان المسلمين الآلاف من أنصارها فاعتدوا بطريقة همجية وفاشية على الثوريين.. هذا التخبط هو الذى أفقد الرئيس الدعم الشعبي وجعله يخسر معركة النائب العام ولسوف تتوالى خسائره ان لم يأخذ قراره بوضوح :.. على الرئيس أن يختار اما أن يكون مندوب المرشد في رئاسة الجمهورية فيعمل لصالح الاخوان المسلمين واما أن يكون رئيسا للمصريين يتبنى تحقيق أهداف الثورة حتى لو خالفت مصلحة الاخوان ..


 


لازالت أمام الرئيس فرصة لعلها تكون الأخيرة لاصلاح المسار والانحياز للثورة وذلك بتحقيق الخطوات التالية :


 


أولا: تقنين أوضاع جماعة الاخوان المسلمين واعلان ميزانيتها واخضاع تمويلها لرقابة الدولة ومنع تدخل قياديي الجماعة في شئون الدولة ماداموا لايشغلون مناصب رسمية ..,


 


ثانيا: اجراء حركة تطهير شامل في أجهزة الدولة وأولها وزارة الداخلية التى يقودها حتى الآن لواءات العادلي المسئولون عن القمع والفساد وقتل الثوار والانفلات الأمنى


 


ثالثا: محاكمة المشير طنطاوي والفريق عنان واللواء حمدي بدين واللواء حسن الرويني المسئولين عن المذابح المتعاقبة التى راح ضحيتها مئات الشهداء


 


رابعا: تكوين محاكم خاصة للثورة بالتنسيق مع المجلس الأعلى للقضاء ، تتولى التحقيق في المذابح وقتل المتظاهرين ويمنح أعضاؤها من القضاة سلطة التحقيق مع العسكريين والمدنيين من أجل تحقيق العدالة الحقيقية


 


خامسا: تنفيذ الوعد الرئاسي باعادة التوازن الى اللجنة التأسيسية للدستور وذلك بضم عددا مناسبا من ممثلى القوى الديمقراطية والثورية واعطائهم حق التصويت حتى يخرج الدستور معبرا عن ارادة المصريين جميعا


 


سادسا: تحقيق العدالة الاجتماعية وذلك بتطبيق الحد الأقصى والأدنى للأجور وضم أموال الصناديق الخاصة الى خزانة الدولة واعتماد سياسة الضرائب التصاعدية على الأغنياء والغاء دعم الخدمات ( الغاز والكهرباء والماء ) عن المصانع التى تبيع منتجاتها بالاسعار العالمية . هذه الاجراءات ستوفر للدولة مليارات الجنيهات وربما تغنى الرئيس عن الاقتراض من الخارج .


 


سابعا: الغاء وزارة الاعلام وتحقيق الاستقلال للمؤسسات الصحفية بدلا من تبعيتها لمجلس الشوري والغاء تهمة اهانة الرئيس التى تستعمل في ارهاب المعارضين والتى تعتبر في حد ذاتها أكبر اهانة للرئيس


هذه أمثلة على خطوات عملية لتحقيق أهداف الثورة ، لو أقدم عليها الرئيس مرسي سيحظى بتأييد المصريين جميعا أما لو استمر الرئيس في مهادنة النظام القديم لصالح الاخوان المسلمين فسوف يفقد كل شيء وبأسرع مما يتصور..


 


الديمقراطية هي الحل


 

1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 16, 2012 04:57

October 9, 2012

مقاله علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم : فن تلبيس الحذاء

 


مقاله علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم


فن تلبيس الحذاء


9 اكتوبر 2012


 


سأحكى واقعتين:


فى عام 1948، ذهب الملك فاروق ومعه رئيس وزراء مصر محمود فهمى النقراشى إلى احتفال لاستطلاع هلال شهر رمضان. طبقا للبروتوكول كان رئيس الوزراء جالسا بجوار الملك بينما جلس الشماشرجى (خادم الملك) بجوار السائق. بمجرد وقوف السيارة كان الواجب أن يقفز منها الشماشرجى ويفتح الباب لينزل جلالة الملك. اكتشف الشماشرجى أن مقبض الباب عطلان وحاول أن يفتح الباب فلم يتمكن. مرت لحظات وصار الموقف محرجا. السيارة واقفة والملك لم ينزل. بجوار السيارة وقف ضابط فى الحرس الملكى ولواء فى البوليس. صرخ اللواء فى الضابط الشاب:


 


- افتح الباب لمولانا الملك.


 


فإذا بالضابط يرد بصوت عال:


 


- افتح الباب سيادتك. أنت أقرب.


 


أنهى الملك الموقف المحرج وفتح الباب بنفسه ونزل إلى الاحتفال. ذلك اليوم لم يكن هناك حديث فى القصر الملكى إلا عن ضابط الحرس الذى رفض علانية أن يفتح الباب لجلالة الملك. كان العاملون فى القصر متأكدين أن مستقبل هذا الشاب قد انتهى، سيفصلونه قطعا من الخدمة وربما يحاكم عسكريا ويقضى شهورا أو أعواما فى السجن الحربى. فى اليوم التالى ما إن دخل الضابط الشاب إلى القصر حتى استدعاه قائد الحرس الملكى إلى مكتبه ودار بينهما الحوار التالى:


 


القائد ـــ لماذا خالفت أوامر لواء البوليس ورفضت أن تفتح باب السيارة لجلالة الملك..؟!


 


الضابط - السيد اللواء كان أقرب منى للسيارة الملكية فقلت له افتح الباب سيادتك.


 


القائد - ولماذا لم تفتح الباب لجلالة الملك بنفسك …؟!


 


الضابط - يافندم أنا ضابط حرس ملكى ولست شماشرجى. مهمتى حراسة الملك وليست فتح الأبواب.


 


تأمل القائد الضابط الشاب ثم اصطحبه إلى مكتب كبير الياوران وتركه ينتظر فى الخارج، وبعد قليل خرج قائد الحرس إلى الضابط الشاب وربت على كتفه وطلب منه أن ينصرف إلى عمله ولم يعاقبه. هذه الواقعة الحقيقية كان بطلها الغريب الحسينى الحارس الخاص للملك فاروق وقد أوردها فى مذكراته (كتاب اليوم صفحة 48).. هنا نرى معانى كثيرة: ها هو ضابط شاب يعتز بكرامته ويرفض أن يكون خادما للملك نفسه وهو مستعد لافتداء الملك بحياته لكنه يرفض أن يفتح له الباب ثم هاهو قائد الحرس ومن بعده كبير الياوران يتفهمان تماما حرص الضابط على كرامته فيصرفانه بدون عقاب.


 


الواقعة الثانية حدثت منذ أيام وشاهدت تسجيلا لها فى برنامج الأستاذ الكبير إبراهيم عيسى : فقد ألقى مرشد الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع درسا دينيا على حشد من الإخوان فى المسجد وفى لحظة خروج المرشد تزاحم حوله مجموعة من الإخوان راحوا ينحنون أمامه وقام أحدهم بتلبيس المرشد الحذاء. كل من يشاهد تسجيل الواقعة يلاحظ أن المرشد لم يعترض وترك قدمه للشاب ليضع فيها الحذاء مما يدل على أن المرشد يقبل هذه المعاملة ويرتاح إليها. نلاحظ أيضا مهارة الشاب فى تلبيس المرشد الحذاء ولعله بدأ بفك الرباط حتى يتسع فم الحذاء لمقدمة القدم ثم أمسك بمؤخرة الحذاء وفردها جيدا لئلا تنبعج تحت قدم المرشد وفى ضربة واحدة بارعة أدخل الحذاء فى القدم الكريمة وعقد الرباط بسرعة وكفاءة.. العجيب أن الشاب بدا فخورا مزهوا وكأنه نال شرفا كبيرا أو كأنه يقول: هل هناك أسمى من أن يلامس المرء قدم المرشد الكريمة (حتى ولو من فوق الشراب) ويضعها فى الحذاء ويربطه بيديه..؟!


 


هاتان الواقعتان تقدمان منطقين متناقضين: أن الضابط الشاب الذى رفض فتح الباب يعتبر أن ولاءه للملك لا يمنعه من احترام نفسه وهو يصر على المحافظة على كرامته مهما يكن الثمن. أما الشاب الذى ينحنى ليقوم بتلبيس المرشد الحذاء فهو خاضع مستمتع بخضوعه وهو لا يفهم الفرق بين الولاء والإذلال وهو يعتبر نفسه أقل من المرشد بكثير لدرجة أنه لايتحرج من أداء مهمة قد يرفضها الخدم. المفهوم الأول يصنع من الضابط الشاب شخصية قوية محترمة ويجعله قادرا على التفكير المستقل واتخاذ القرار والمفهوم الثانى يصنع من حامل الحذاء تابعا ذليلا لا يمكن أن يكون رأيا أو يفكر بطريقة مستقلة عن سيده المرشد.. أن جماعة الإخوان المسلمين تقوم على السمع والطاعة العمياء والولاء المذل إلى درجة تلبيس الأحذية.


 


الجماعة لها عقل واحد هو مكتب الإرشاد الذى يرأسه المرشد أما الآلاف من شباب الجماعة للأسف فليسوا سوى أدوات لتنفيذ إرادة المرشد ولا يحق لهم الاعتراض أو النقد أو حتى التعبير عن أفكار مخالفة لأوامر المرشد. الإخوان جميعا يقولون نفس الرأى فى أى موضوع ويتخذون نفس الموقف فى أى حادثة.


 


 إذا رضى عنك المرشد سيرضى عنك الإخوان جميعا فورا ويمتدحون حكمتك ووطنيتك وشجاعتك وبعد ذلك المديح الكثيف بأيام أو ساعات إذا اختلفت مع المرشد وأغضبته فإن الإخوان سينهالون عليك باللعن والشتم أنت وأهلك وكل من يؤيدك وسيكتشفون أنك عميل غربى وعدو فاسق للإسلام كاره لشرع الله. إذا اختلفت مع المرشد فأنت قطعا مخطئ لأن رأى المرشد هو الصواب ولا صواب غيره عند الإخوان والدفاع عن آراء المرشد واجب مقدس.. نلاحظ أن كل الذين انشقوا عن جماعة الإخوان هم من أصحاب الشخصيات القيادية القوية التى لم تتحمل هذه الطاعة المذلة ونلاحظ أيضا أن هؤلاء المنشقين بمجرد خروجهم عن الجماعة قد تعرضوا إلى هجوم كاسح مقذع من الإخوان لم يراع حتى الزمالة السابقة ولا التاريخ المشترك وبعضهم صاحب فضل حقيقى على الإخوان مثل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح. أن مفهوم الولاء المطلق بطريقة الإخوان يعطل بلاشك قدرة الإنسان على التفكير الخلاق المستقل ويجعله أقرب إلى التابع منه إلى عضو الجماعة أو الحزب.


 


 إذا اخترنا أقرب المقربين إلى الدكتور البرادعى أو حمدين صباحى أو عبدالمنعم أبوالفتوح، ثم اقترحنا عليه أن يقوم بتلبيس الحذاء لرئيس حزبه لاشك أنه سيرفض وسيغضب من وقاحة الطلب بل إن أحدا من هذه الشخصيات الكبيرة لن يقبل أبدا أن يقوم شخص بتلبيسه الحذاء.. قد يقول قائل: من حق الإخوان المسلمين أن يقبلوا يد المرشد ويلبسوه الحذاء كما شاءوا.. أليس هذا شأنهم وحدهم..؟! الإجابة أن ذلك كان شأنهم وحدهم فى الماضى لكنهم الآن يحكمون مصر فلم يعد ذلك شأنهم بل شأن المصريين جميعا.


 


 لدينا رئيس من الإخوان المسلمين اضطر ملايين المصريين إلى انتخابه ليس حبا فيه ولا اقتناعا بزعامته ولا انبهارا بنبوغه ولا انحيازا لأفكاره وإنما انتخبه الناس ليمنعوا إجهاض الثورة وعودة النظام القديم على يد أحمد شفيق لا أكثر ولا أقل.. هذا الرئيس المنتخب أمضى حياته كلها فى تنظيم الإخوان المسلمين.. أليس من حقنا أن نسأل رئيس مصر هل يوافق أن يقوم شاب بتلبيس الحذاء للمرشد وهل يرى الرئيس فى هذا التقليد إذلالا وانتقاصا من كرامة حامل الحذاء أم أنه يعتبره أمرا عاديا..؟! وإذا كان يعتبره أمرا عاديا فما معنى الكرامة فى نظر الرئيس مرسى..؟!


 


بعد أن مرت مائة يوم من حكم الرئيس مرسى اكتشفنا ثلاث حقائق:


 


أولا: أن الرئيس رجل يعد ولا يفى بوعوده . فقد وعد المصريين بإعادة تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور حتى تكون متوازنة وتعبر عن كل أطياف المجتمع بدلا من سيطرة الإخوان عليها .. ووعد الرئيس برعاية مصابى الثورة والقصاص للشهداء والافراج عن معتقلى الثورة جميعا وغير ذلك وعود كثيرة لم ينفذ الرئيس منها وعدا واحدا.. الغريب أنه لا يبدو على الرئيس أدنى خجل أو حرج من جراء تخليه عن الوعود التى قطعها على نفسه على الملأ بإرادته الحرة.


 


ثانيا: أن الرئيس مرسى لايمتلك رؤية سياسية أبعد من حسنى مبارك. لم يفعل الرئيس شيئا لإجراء تغيير حقيقى فى بنية نظام مبارك، لقد اختار وزراء من فلول النظام السابق وأبقى لواءات الداخلية المسؤولين عن قتل وتعذيب آلاف المصريين فى مناصبهم وهو مثل مبارك ينحاز للأغنياء ضد الفقراء وقد تفاوض من أجل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى بدون أن يعلن للشعب شروط القرض تماما كما كان مبارك يفعل، لقد عين وزيرا للإعلام من الإخوان ليقمع المعارضين وسيطر على الصحافة القومية بواسطة مجلس الشورى الذى قام بتعيين رؤساء تحرير تابعين للإخوان وسمح الرئيس مرسى بمحاكمة المصريين وحبسهم بتهمة إهانة الرئيس وهى تهمة وهمية شاذة لا توجد فى أى دولة محترمة وترك المصريين يهانون داخل مصر وخارجها تماما مثل مبارك. يبدو الأمر الآن وكأننا بعد الثورة قد استبدلنا بالرئيس مبارك الرئيس مرسى بدون أى تغيير فى الأفكار أو السياسات.


 


ثالثا: الرئيس مرسى عضو فى جماعة الإخوان المسلمين وهى تنظيم غير قانونى غامض لايعلم أحد مصادر تمويله ولا لائحته ولا نظام عمله. من حقنا أن نسأل هل يتخذ الرئيس مرسى قرارات الدولة بعيدا عن إرادة المرشد أم أنه ينفذ تعليمات المرشد فى إدارة الدولة..؟!. لدينا إشارات كثيرة مقلقة: فالقيادى الإخوانى خيرت الشاطر يلتقى بالمسؤولين فى الدول الأجنبية ليناقش معهم مشروعات مشتركة مع مصر ولا يسأله أحد بأى صفة يتفاوض باسم مصر وهو لايتولى منصبا رسميا يخول له ذلك.. وعندما قرر الرئيس مرسى إقالة المشير طنطاوى والفريق عنان (وهذا إنجازه الوحيد حتى الآن) صرح القيادى الإخوانى عصام العريان قائلاً:


 


ــ ”ان الرئيس قد اتخذ قرار الإقالة بدون موافقة المرشد الذى كان معتكفا فى أواخر رمضان”.


 


معنى ذلك ببساطة أن المرشد لو لم يكن معتكفا لكان أدلى بدلوه فى قرار سياسى بهذه الخطورة ولعله يقبله أو يرفضه فهل كان الرئيس يقدر عندئذ على مخالفة أوامر المرشد..؟!. إن واجب الرئيس مرسى يفرض عليه إجبار جماعة الإخوان المسلمين على توفيق أوضاعها والخضوع للقانون والكشف فورا عن مصادر تمويلها.. إن المصريين بعد أن قاموا بثورة عظيمة دفعوا ثمنها دما وقدموا من أجلها آلاف الشهداء لن يقبلوا أبدا التفريط فى حقوقهم الإنسانية التى يستمر إهدارها الآن تحت حكم الإخوان كما أهدرت تحت حكم مبارك. الثورة مستمرة حتى تحقق أهدافها كاملة.


 


الديمقراطية هى الحل.


 

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 09, 2012 05:33

October 3, 2012

مقاله د. علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم : متى يحترمنا الغرب ..؟!…

 


مقاله د. علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم


2 اكتوبر 2012


متى يحترمنا الغرب ..؟!…


 


أكتب هذا المقال من مدينة كوزينسا في جنوب ايطاليا حيث جئت لاستلام جائزة البحر المتوسط للثقافة التى فزت بها لهذا العام ، الجائزة تنظمها مؤسسة كاريكال تحت رعاية وزارة الثقافة الايطالية وهي من الجوائز الأدبية الكبيرة في ايطاليا وقد حصل عليها قبلي أدباء عالميون بينهم كاتبان عربيان كبيران هما أمين معلوف والطاهر بن جلون . هذه الجائزة الرابعة لي من ايطاليا وهي المرة رقم 15 التى أفوز فيها بتكريم وجوائز على ا…لمستوى الدولي . يتكرر الأمر دائما بنفس الطريقة : رسالة أو اتصال تليفوني من لجنة التحكيم لتهنئك بالجائزة . لا وساطة ولا تربيطات ولا تبادل مصالح ولا ضغوط على لجنة التحكيم كما يحدث في مصر . الكاتب في الغرب يتقدم بنفسه الى الجوائز في حالة واحدة :اذا كان مبتدئا يكتب لأول مرة فتكون جائزته نشر أعماله ، عدا ذلك لا يتقدم الكاتب بنفسه الى الجوائز وانما يتم ترشيحه بطريقتين : اما بواسطة لجنة التحكيم أو بواسطة دور النشر التى نشرت أعماله . لجنة التحكيم التى اختارتني لجائزة البحر المتوسط تتكون من أساتذة أدب مرموقين في ايطاليا .عرفت من أحدهم (بطريقة غير رسمية ) أن التصفية النهائية تمت بينى وبين كاتب أسباني لكننى فزت في التصويت النهائي على المنافس الأسباني . في لحظة التكريم ، عندما أصعد الى المسرح لاستلام الجائزة تنتابني مشاعر قوية متباينة . أحمد الله عز وجل الذى أوصلنى الى هذا النجاح وأشعر بالفخر لأننى مصري عربي في مقام التقدير . ثم أفكر دائما في السؤال : ماذا نفعل لكى نقدم صورة جيدة محترمة عن العرب والمسلمين في العالم .؟!. لعل الاجابة تتلخص في الأفكار التالية :


 


أولا : معرفتنا بالغرب


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


ماذا تفعل اذا كنت تعيش في بلد وقدر لك أن تسافر الى بلد آخر ..؟! ألا تسأل عن الجو في البلد الآخر لتأخذ مايناسبه من ثياب ..؟ ماذا لو اعتقدت ان البلد الآخر لابد أن يكون حارا مثل بلدك وسافرت بثياب خفيفة لتجد البلد الآخر مغطى بالجليد ..؟


 


ألا يعتبر هذا تصرفا أحمق ..؟! نحن نرتكب هذه الحماقة دائما في تعاملنا مع الغرب.. كثيرون منا يتعاملون مع غرب نظري افتراضى لايوجد الا في أذهانهم .. كل يوم تكتب عشرات المقالات وتلقى عشرات الخطب في العالم العربي لتؤكد أن الغرب يعادي الاسلام ..


 


وكثيرا ما نعتبر هذه المقولة حقيقة نبني عليها تصرفاتنا وافكارنا . تعلمت وعشت في الغرب سنوات واكتشفت ان الغربيين في تعاملهم مع العرب والمسلمين ينقسمون الى ثلاثة أنواع : الحكومات الغربية وهي غالبا انتهازية استعمارية لا تعبأ الا بمصالحها وقد دعمت دائما الحكام العرب المستبدين وتغاضت عن جرائمهم في حق شعوبهم من أجل الحصول على النفط ومضاعفة أرباح الشركات العملاقة ،


 


هناك أيضا غربيون متعصبون عنصريون كارهون للعرب والمسلمين ولكل الأجناس ما عدا الجنس الأبيض .. أما القسم الأكبر من الغربيين فهم بشر عاديون لا يختلفون عنا في شيء الا في الدين ولون البشرة وتسامحهم في العلاقات الجنسية خارج الزواج . هؤلاء أغلبية الغربيين وهم عادة ما يجهلون كل شيء عن الاسلام كما يجهل معظمنا ، نحن العرب ، كل شيء عن البوذية أو الهندوسية.


 


كيف تم تقديم الاسلام لهولاء الغربيين ؟ الاجابة مؤسفة ..


 


فقد قدم أسامة بن لادن وأتباعه من المتطرفين الذين يقتلون الأبرياء صورة مشوهة للاسلام حتى صار غربيون كثيرون يعتقدون ان الاسلام دين العنف والقتل بل ان كلمة " شريعة " صارت تستعمل في اللغات الغربية بمعنى قطع اليدين وذبح الناس بالسيوف وصارت كلمة "جهاد " في الغرب تعنى القتل.


 


لقد تشوهت صورة الاسلام في ذهن ملايين الغربيين من جراء جرائم بعض المسلمين الارهابيين ..ماذا ننتظر وبيننا من يعتبر القاء القنابل على مدنيين أبرياء آمنين نوعا من الجهاد يتقرب به الى الله .قد يعترض البعض على كلامي قائلا :


 


لماذا تتحدث عن ارهاب بن لادن ولا تتحدث عن جرائم الجيش الامريكي في العراق وأفغانستان ..؟


الاجابة أن واجبنا أن ندين قتل الأبرياء بغض النظر عمن قتل من ، كما ان المسئولية الانسانية يجب أن تكون فردية لا جماعية . فالذين قتلتهم القاعدة في مدريد و نيويورك ليسوا مسئولين عن جرائم الجيش الأمريكي والا ، بنفس المنطق ، سيصبح كل عربي في الغرب مسئولا عن مذبحة 11 سبتمبر . ..


 


ان أصوات المعترضين في الغرب على جرائم الجيش الامريكي كثيرة وعالية ولولا الاعلام الغربي لما عرفنا شيئا عما يحدث في معتقلات ابوغريب وجوانتامنو بل ان المظاهرات المعادية للحرب على العراق في العواصم الغربية كانت أكبر من تلك التى قامت في العالم العربي . لا يجوز أن نواجه الجريمة بجريمة مثلها وكل من قرأ التاريخ يعلم أن المسلمين الأوائل لم يردوا على جرائم أعدائهم بجرائم مماثلة بل كانوا في عدلهم وتسامحهم يقدمون نموذجا اسلاميا حضاريا أقنع ملايين الناس باعتناق الاسلام ويكفى هنا أن نقارن بين تسامح المسلمين مع أقباط مصر عند فتحها والمذابح البشعة التى قامت بها الجيوش المسيحية بدعم الكنيسة الكاثوليكية ضد المسلمين واليهود بعد سقوط الأندلس .. ان قتل الأبرياء جريمة بشعة لا يمكن تبريرها اطلاقا وهي تنسف شرعية أية قضية حتى لو كانت عادلة ..


 


منذ أعوام فزت بجائزة برونو كريسكي في الأدب وتسلمتها من مستشار النمسا (رئيس الوزراء ) فألقيت كلمة أمام الحضور ( وكلهم أجانب ) قلت فيها ان الرسول صلى الله عليه وسلم علمنا الحق والعدل والحرية والمساواة وحكيت لهم كيف كان الرسول (ص ) يسجد للصلاة فاذا قفز على ظهره حفيداه الحسن والحسين يلهوان ظل ساجدا حتى يفرغا من اللعب .. ثم قلت : كان الرسول يوقف صلاته لئلا يزعج الاطفال فهل يعقل أن رجلا بهذه الرقة يوافق على قتل الأبرياء بقنبلة في مطعم أو محطة قطار .؟!. أذكر أن الحضور صفقوا طويلا وجاء الى كثيرون يسألونني عن مصادر جيدة ليقرأوا فيها عن الرسول الكريم وأعماله . قبل أن نلوم الغربيين على خوفهم من الاسلام علينا أن نسأل أنفسنا أية صورة قدمناها لديننا ..؟! …


 


 


ثانيا : النوابغ والمبدعون


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


النظام في العالم الغربي ، غالبا ، يعطيك الفرصة للتفوق ويمنحك حقك في التقدير حتى ولو كنت قادما من ثقافة أخرى . لدينا علماء كثيرون بارزون في الغرب لكن حكوماتنا فشلت في الاستفادة من خبراتهم ونجاحهم ولدينا في مصر والعالم العربي مبدعون كبار لايعرفهم الغرب لو ترجمت أعمالهم وقدمت بطريقة صحيحة سينالون التقدير الذى سيحسن كثيرا من صورتنا . ان فيلما واحدا على مستوى عالمي سيفيد العرب والمسلمين أكثر بكثير من الخطب الرنانة التى نلقيها على أنفسنا ولا يسمعها سوانا .السؤال : من الذى أفاد الاسلام أكثر ؟! أحمد زويل ونجيب محفوظ أم أسامة بن لادن وأيمن الظواهري ..؟ هل الأفضل أن نقدم ثقافتنا الى العالم عن طريق النوابغ في العلوم والآداب أم نقدمها عن طريق مجموعة من القتلة .؟!.


 


ثالثا : حقوق الانسان


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


قطعت الانسانية شوطا كبيرا حتى توصلت الى مجموعة من الحقوق الأساسية للبشر تشكل جوهر الحضارة ، كل من يعتدى على حقوق الانسان يتحول الى همجي . الغريب أن الاسلام قدم حقوق الانسان قبل الغرب بقرون لكن بعض المسلمين يعتدون الآن على هذه الحقوق… لدينا مشايخ متطرفون يعتبرون أن من حق الزوج أن يضرب زوجته ليؤدبها ،وهم يحاولون تجميل هذه الفكرة قائلين ان ضرب الزوجة يجب الا يكون مبرحا . ان ضرب الزوجات يخرجنا فورا من دائرة الحضارة لان المرأة انسان وضربها يهدر كرامتها ويقضى على احترامها لنفسها . . هناك مشايخ ينادون بزواج البنات بمجرد بلوغهن حتى ولو كن في سن العاشرة . هذه الدعوة الشاذة المنحرفة تعتبر أن المرأة مجرد أداة جنسية بلا أحاسيس ولا ارادة ولا ادراك ، مجرد ماكينة جنس يستعملها الرجل لقضاء لذته حتى لو كانت طفلة بريئة .. ان كل من يعاشر طفلة جنسيا مجرم و مريض نفسيا وبالتالي يجب أن يقبض عليه ويحاكم ثم يعالج في السجن وقد أثبتت دراسات موثوقة ان الرسول الكريم قد تزوج السيدة عائشة وهي في التاسعة عشر أو نحوها لا في سن التاسعة كما يشاع .. بعض المتطرفين يصرحون باحتقارهم للاثار المصرية الفرعونية العظيمة وبكراهيتهم الشديدة للفنون وهم عاجزون عن الخيال وتذوق الفن وهم يحرمون الموسيقى ولديهم من الجهالة ما يدفعهم الى اعتبار الممثلين فاسقين والممثلات عاهرات .. كل هذه الآراء المتخلفة الهمجية عندما تترجم وتذاع في أنحاء العالم انما تؤكد بكل أسف الصورة السيئة للاسلام في أذهان الغربيين .


 


رابعا :ما نقدمه للعالم


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


معظم الدول العربية والاسلامية تعيش عالة على الغرب . هذه حقيقة مؤسفة . لقد توقفنا عن اضافة أى شيء الى الانسانية منذ قرون . لدينا آلاف العلماء النوابغ لكنهم اما يعملون في جامعات الغرب أو أنهم في بلادهم عاجزون عن العطاء بسبب الاستبداد والفساد والبيروقراطية . الدول العربية كلها لا تقدم شيئا للعالم لاصناعة ولازراعة ولابحث علمي ولا اى شيء . حتى الدول النفطية الثرية يقوم حكامها بوضع ثرواتهم في البنوك الغربية وبدلا من أن يعملوا على احداث نهضة حقيقية بأموال النفط يشترى كثيرون منهم مجهود الاخرين فيستقدمون الناس من كل الجنسيات ليعملوا بدلا منهم بينما يستمتعون بحياة فارغة الا من اقتناص اللذات .. . كيف يحترمنا العالم ونحن في 22 دولة عربية عاجزون عن صناعة أى شيء يفيد الانسانية .؟!. المتطرفون الذين يلعنون الغرب من فوق المنابر يصيحون في ميكروفونات مصنوعة في الغرب ويؤدون الصلاة على سجاجيد مصنوعة في الصين ويعيشون حياتهم كلها يستعملون أدوات الحضارة الغربية التى يعادونها . لن يحترمنا العالم الا اذا قدمنا بحثا علميا جادا وقمنا بتصنيع احتياجاتنا لنساهم بجدية وفاعلية في التقدم الانساني .


 


 


لقد قدم الاسلام الى الانسانية حضارة عظيمة اشترك في بنائها المسلمون والمسيحيون واليهود وقادت الدنيا لمدة سبعة قرون وأسست لقيم المحبة والعدالة والرحمة لكن بعض المسلمين يسيئون الى دينهم بأنفسهم .اذا أردنا ان نصلح صورة الاسلام فيجب أن ندرك ان الصورة لن تنصلح الا باصلاح الأصل . يجب أن نعمل ونتقدم ونحترم الحقوق الانسانية حتى يحترمنا العالم


الديمقراطية هي الحل


 


العنوان الإليكتروني


[email protected]

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 03, 2012 03:20

September 25, 2012

مقاله علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم : …الى أين يأخذنا الرئيس ..؟!…

 


مقاله علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم


25 سبتمبر 2012


…الى أين يأخذنا الرئيس ..؟!…


 


لم أنتخب الرئيس مرسي وكتبت في هذا المكان ، قبل الانتخابات الرئاسية ، أدعو المصريين الى مقاطعة الانتخابات اعتراضا على ترشيح أحمد شفيق للرئاسة قبل التحقيق في 35 قضية فساد مقدمة ضده .. لم تنجح الدعوة الى مقاطعة الانتخابات ووجد ملايين المصريين أنفسهم مضطرين لانتخاب الرئيس مرسي ليس اقتناعا بأفكار الا…خوان وانما ليمنعوا استعادة نظام مبارك على يد أحمد شفيق.


 


ظهرت النتيجة وفاز مرسي بالرئاسة فدعوت الى احترام ارادة الشعب ، واعتبرت أنه من عدم الانصاف أن نهاجم الرئيس مرسي قبل أن نمنحه الفرصة. الآن مرت ثلاثة شهور على تولي الرئيس لمنصبه وصار بمقدورنا أن نقرأ توجهاته السياسية وللأسف فان الاجراءات والقرارات التى اتخذها الرئيس مرسي ترسل علامات مقلقة وخطيرة تتلخص في الآتي :


 


 


أولا : كان القمع الوحشي الذى تمارسه وزارة الداخلية ضد المصريين من أهم أسباب الثورة التى طالبت من البداية بالغاء مباحث أمن الدولة وتطهير الداخلية من لواءات مبارك الفاسدين ومحاسبة المتورطين منهم في التعذيب لكن المجلس العسكري رفض باستماتة اجراء أى تغيير في الداخلية خلال الفترة الانتقالية ثم جاء الرئيس مرسي وفوجئنا به يرفض تطهير وزارة الداخلية ويستعين بنفس القيادات القديمة واختار منهم وزير الداخلية أحمد جمال الدين ،


 


وبد الأمر وكأنه صفقة بين الاخوان وقيادات الداخلية . أن يحتفظ اللواءات بمناصبهم وامتيازاتهم ويظلون آمنين من المحاسبة على الجرائم التى ارتكبوها مقابل استعادة الأمن وحماية مصالح الاخوان . عاد الأمن بشكل محدود ولكن عادت معه اجراءت القمع فرأينا المصريين من جديد تهان كرامتهم في أقسام الشرطة .


 


 


في الأسبوع الماضى كان المهندس محمد فهيم يقود سيارته في المنصورة فاستوقفه ضابط الشرطة وطلب منه رخصة القيادة .اكتشف المهندس محمد أنه نسيها في البيت فطلب بأدب من الضابط أن يبعث معه أحد الجنود الى بيته القريب ليحضر الرخصة فقال له الضابط :


 


ــــ " الكلام ده عند أمك "


اعترض محمد فهيم على هذه الاهانة فانهال الضابط ضربا عليه وأمر الجنود فسحلوه على أرض الشارع ثم أخذوه الى القسم حيث أقاموا له حفلة تعذيب انتهت بتلفيق تهمة له وأحالوه الى النيابة التى أمرت بحبسه على ذمة التحقيق .


 


 


تكررت وقائع مشابهة عديدة في الفترة الأخيرة مما يدل على أن الرئيس مرسي مثل الرئيس مبارك لا يقلقه كثيرا أن يتم تعذيب المواطنين وانتهاك آدميتهم والحق أن كرامة المصريين في الخارج ليست أفضل منها في الداخل .


 


من المعروف أن القضاء السعودى لايطابق معايير العدالة الدولية فالأجانب لاتستطيع السلطات السعودية أن تمسهم بسوء بينما هناك مئات المصريين معتقلون في سجون السعودية اما بدون محاكمة او وفقا لمحاكمات غير عادلة .


 


 


بين هؤلاء السيدة نجلاء وفا التى يتم جلدها أسبوعيا لأنها اختلفت مع احدى الأميرات والمحامي أحمد الجيزاوي الذى يحاكم بتهمة ملفقة لأنه تجرأ ورفع قضية على ملك السعودية دفاعا عن حقوق المصريين ..


 


لقد كانت أول زيارة للرئيس مرسي الى السعودية حيث تبادل الأحضان والصور التذكارية مع المسئولين هناك ولم يفعل شيئا من أجل انقاذ المواطنين المعتقلين في السعودية . .


 


أضف الى ذلك آلاف المعتقلين في السجن الحربي المصري الذين تم تلفيق القضايا لمعظمهم أثناء المظاهرات بالاضافة الى ضباط 8 ابريل الذين انضموا الى مظاهرات ميدان التحرير فتم القبض عليهم وتعرضوا للتعذيب الشديد ولازالوا محبوسين .


 


 


كل هؤلاء وعد الرئيس مرسي أثناء الانتخابات بالافراج عنهم بمجرد توليه منصبه لكنه لم ينفذ وعده . . .


 


 


 


ثانيا : عندما أعلن الرئيس التشكيل الوزاري فوجئنا بأنه اختار وزراء عديدين من فلول النظام السابق ودلالة ذلك ببساطة أنه لا يوجد فرق كبير بين سياسة مبارك وسياسة مرسي ..


 


 


كان الرئيس مبارك منحازا للأغنياء حريصا على راحتهم وزيادة أرباحهم ، بالمقابل لم يكن يعبأ اطلاقا بمعاناة الفقراء ثم جاء الرئيس مرسي فلم نجده للأسف مختلفا عن مبارك .


 


هاهو الرئيس مرسي يقرب اليه رجال الأعمال الذين ينتمون الى نظام مبارك ويأخذهم على طائرته الى الدول الأجنبية وهاهو الرئيس مرسي يحاول مواجهة الأزمة الاقتصادية فلا يفكر أبدا في خفض الانفاق الحكومي ولا الاستغناء عن المستشاريين الذين يتقاضون ملايين الجنيهات بلا وجه حق ولا يفكر في فرض ضرائب تصاعدية على الاغنياء ولا يفكر في رفع الدعم عن مصانع المستثمرين التى تبيع منتجاتها بالسعر العالمي وتأخذ الغاز والكهرباء بسعر مدعوم .


 


 


لم يفكر الرئيس مرسي في هذه الحلول لأنها تهدد مصالح الأغنياء وانما فكر الرئيس مرسي ( مثل مبارك ) في الاقتراض فتقدم بطلب بقرض ضخم بمبلغ .4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي بغير أن يطلع الرأى العام على الشروط التى وافق عليها من أجل الحصول على القرض .


 


 


لابد أن نذكر هنا أن رئيس الوزراء السابق الجنزوري أراد الاقتراض من صندوق النقد لكن الاخوان اعترضوا بشدة آنذاك وقالوا ان الاقتراض سيوقع مصر في مزيد من الديون كما أكدوا ان الاقتراض بفوائد حرام شرعا لكنهم الآن يهللون ويكبرون للقرض الذى طلبه الرئيس مرسي وقد اكتشفوا فجأة أن الاقتراض حلال شرعا لأنه ضرورة والضرورات تبيح المحظورات وهكذا يبدو ان جيوب الاخوان مليئة بالآراء الفقهية المتنوعة يخرجون منها ما يناسب رغباتهم ومصالحهم .


 


 


 


ثالثا : كان نظام مبارك يسيطر على الاعلام والصحف القومية ليضخ أكاذيب يومية ترسم صورة مزيفة لمبارك باعتباره زعيما ملهما وقائدا حكيما ثم جاء الرئيس مرسي وبدلا من أن يحقق استقلال الصحف القومية ويلغى وزارة الاعلام.


 


عين الرئيس أحد الاخوان وزيرا للاعلام كما عين مجلس الشوري رؤساء تحرير جدد للصحف القومية يعلمون جيدا أنهم مدينون بمناصبهم للاخوان المسلمين .يوما بعد يوم يتضح تأثير الاخوان على الاعلام . التليفزيون الرسمي يبث بلا انقطاع صور الرئيس مرسي كما كان يفعل مع مبارك بل ان القنوات الخاصة المملوكة لرجال أعمال ، يهمهم توطيد علاقتهم بالاخوان ،


 


بدأت في التخلص من الاعلاميين المعروفين بمعارضة الاخوان والتعاقد مع اعلاميين مقربين للاخوان . . رأينا مؤخرا حوارا تليفزيونيا مع الرئيس مرسي كان بالضبط نسخة من لقاءات مبارك :


 


الرئيس يجلس بشموخ ويبدو راضيا عن نفسه تماما وأمامه مذيع يكاد يرتعد من الخوف لأنه يعلم أن كلمة واحدة تخرج منه أمام الرئيس قد تصنع مستقبله أو تقضى عليه .


 


المذيع يسأل الرئيس أسئلة مائعة والرئيس يجيب بشعارات جوفاء لا تعنى شيئا وفجأة يتطلع المذيع الى وجه الرئيس بانبهار ويقول :


 


 


ــ سيادتك تتعب كثيرا من أجل مصر.. متى تستريح يافندم سيادتك .. ؟


 


 


لقد حافظ الرئيس مرسي على اعلام مبارك الفاسد وراح يستغله لمصلحته .


 


رابعا : اللجنة التأسيسية للدستور بتشكيلها الحالي يتحكم فيها الاخوان المسلمون لأنهم يملكون أغلبية المقاعد ومعنى ذلك أنه مهما طالت جلسات الاستماع والمناقشات فان مرشد الاخوان هو الذى يملك القرار النهائي في صياغة دستور مصر ،


 


وقد وعد الرئيس مرسي قبل انتخابه بأن يعيد تشكيل اللجنة التأسيسية بحيث تكون معبرة عن كل أطياف المجتمع لكنه كالعادة لم يف بوعده وترك اللجنة التأسيسية كما هي والمواد التى تخرج من اللجنة تحمل اعتداءات لا يمكن قبولها على الحريات العامة وحقوق المرأة وحرية الصحافة .


 


ما نتوقعه أن يصدر عن اللجنة التأسيسية الدستور الذى يحقق مصالح الاخوان ثم يعرض على الشعب في استفتاء سريع وتعمل الماكينة الجبارة لخطباء الجوامع فيدعون البسطاء للموافقة على الدستور حتى يضمنوا دخول الجنة .


 


 


خامسا : وعد الرئيس مرسي بأن تزدهر الحريات العامة في عهده لكننا نرى العكس فقد تمت مصادرة الصحف و اغلاق قناة الفراعين التى مهما كان رأينا فيها لا نقبل اغلاقها بأمر اداري لأن معنى ذلك اغلاق أى قناة لايرضى عنها الرئيس مرسي .


 


 


هناك مواطن مصري اسمه بيشوى البحيري سوف يقضى سنتين محبوسا بتهمة اهانة الرئيس مرسي على صفحته في موقع فيسبوك. بالاضافة الى صحفيين كبار يحاكمون الآن بذات التهمة . تهمة اهانة الرئيس غير موجودة في أى نظام ديمقراطي لكن الرئيس مرسي فيما يبدو يميل الى معاقبة معارضيه بالحبس وهو يرفض أيضا الغاء الحبس في جرائم النشر وقد صرح القيادي الاخواني محمود غزلان بأن حبس الصحفيين لن يتم الغاؤه لأنهم ليسوا أفضل من سواهم .


 


 


هذا التصريح ينم عن جهل السيد غزلان بما يحدث في الدول المتحضرة حيث لا يحبس كاتب أو صحفى بسبب رأيه أو كتاباته وانما توقع عليه اذا أدين غرامة مالية .. لن يكون عهد مرسي أفضل من عهد مبارك في مجال الحريات ان لم يكن أسوأ


 


 


سادسا : الرئيس مرسي منتخب من الشعب لكنه ينتمي في نفس الوقت الى الاخوان المسلمين وهم تنظيم سري غامض لا يعرف أحد لائحته ولا قواعده ولا مصادر تمويله .


 


وقد طالبنا كثيرا بتقنين أوضاع الاخوان واخضاع تمويلهم لرقابة الدولة لكن يبدو أن الرئيس مرسي يفضل ابقاء الاخوان كجماعة سرية تدعمه من خلف الستار.


 


بل ان ارتباط الرئيس بالجماعة نتج عنه تصرفات لايمكن قبولها في أى ديمقراطية . فالسيد خيرت الشاطر القيادي في الجماعة يتصرف كأنه رئيس وزراء فهو يدلي بتصريحات عن المشروعات التى ستفذها الحكومة ويلتقى بالمسئولين في دول أخرى ويعقد معهم مفاوضات واتفاقات لانعلم بأى صفة يعقدها .


 


 


اننا فعلا لا نعرف من يحكم مصر : الرئيس مرسي أم مرشد الاخوان . …


 


 


الصورة الآن مقلقة .كأن شيئا في مصر لم يتغير بعد الثورة الا شخص الرئيس .


 


ذهب مبارك وجاء مرسي . .


 


هاهو الرئيس مرسي يتحرك في حراسة ثلاثة آلاف جندي لتأمينه بخلاف الضباط والقناصة وهاهو يذهب للصلاة فيمنع رجال الأمن المصلين من دخول المسجد من أجل تأمين الرئيس ثم يذهب الرئيس مرسي الى روما فينزل في ذات الفندق الفخم الذى كان ينزل فيه مبارك فيكلف الدولة آلاف الجنيهات في الليلة الواحدة يدفعها من أموال الشعب الفقير المنهوب .. .


 


 


لقد حققت الثورة انجازا عظيما عندما خلعت مبارك وحاكمته وألقت به السجن مع أتباعه . مهمة الثورة الآن الحيلولة دون سيطرة الاخوان المسلمين على الدولة .


 


اذا لم تتوحد القوى الوطنية فورا من أجل استخلاص الدولة المصرية من أيدي الاخوان فلسوف ندفع ثمن غاليا نحن وأولادنا . ان الشعب الذى صنع هذه الثورة العظيمة قادر باذن الله على حمايتها .


 


 


الديمقراطية هي الحل


 

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on September 25, 2012 04:34

September 18, 2012

مقاله علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم : …كيف ندافع عن النبي..؟!…

 


مقاله علاء الاسوانى فى جريدة المصرى اليوم


18 سبتمبر 2012


…كيف ندافع عن النبي..؟!…


 


سواء كنت مسلما أو مسيحيا أو من أتباع أى دين ، فمن حقك أن تمارس شعائر دينك ويجب أن يحترم الآخرون عقيدتك الدينية فلا يسخر أحد من معتقداتك أو يحقرها ، من حق المسلمين اذن أن يغضبوا عندما يشاهدون فيلما ركيكا ورديئا يقدم نبي المسلم…ين بصورة سيئة وكاذبة ومستفزة . كان المسلمون على حق أيضا عندما غضبوا من الرسوم المسيئة للنبي التى نشرت في الدانمارك من سنوات وكانوا أيضا على حق عندما غضبوا من فيلم "فتنة " الذى أنتجه المتعصب الهولندى خيرت فيلدرز عام 2006 ليسيء الى الدين الاسلامي ويعتبره أصل الارهاب في العالم .


 


 


في كل هذه الوقائع كان المسلمون على حق في غضبهم وكان أمامهم معركة مشروعة من أجل اقناع الرأى العام في العالم أن من حقهم كبشر أن يتمتعوا باحترام كامل لمقدساتهم الدينية . لكن للأسف فان المسلمين في كل هذه المعارك خسروا حقهم و ساهموا بأنفسهم في تشويه صورة الاسلام والمسلمين .السبب أنهم تركوا العنان لمشاعر الغضب وفاتتهم الحقائق التالية :


 


أولا : طبيعة حرية التعبير في الغرب .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


الناس في المجتمعات الغربية قد تخلوا منذ عقود عن فكرة قداسة الدين وبالتالي هم يعتبرون نقد الأديان مباحا من باب حرية التعبير . أمام كل فيلم يسيء للاسلام في الغرب هناك عشرة أفلام تسيء الى المسيحية يتم انتاجها وعرضها ويغضب المتدينون المسيحيون ويدعون الى مقاطعتها ويرفعون القضايا من أجل ايقاف عرضها وغالبا ما يفشلون في ذلك . وفي الغرب ملحدون يتحدثون في وسائل الاعلام فيصفون السيد المسيح بأنه وهم ويهزءون من فكرة أن يكون الله قد أرسل أنبياء أساسا ويهاجمون الكنيسة بضراوة باعتبارها مؤسسة رأسمالية فاسدة .


 


يحدث كل ذلك هناك فلا يستوقف أحدا ولايغضب أحدا لأن كل انسان من حقه أن يعتقد ما يشاء في حدود القانون الذى لايجرم نقد الأديان وانما يجرم التحريض على الكراهية . . لا عقوبة في الغرب على من يكفر بالدين أو ينكر الأنبياء لكن العقوبة تقع على من يحرض الناس على كراهية أتباع دين معين وهذه التهمة لابد من اثباتها أمام المحاكم … ولو أن المسلمين أدركوا طبيعة المجتمع الغربي لكانوا استفادوا من حرية التعبير في الغرب وأنتجوا أفلاما جيدة تقدم حقيقة الاسلام الى الجمهور الغربي الذي يتوق الى المعرفة ولو أن المسلمين فهموا طبيعة الغرب لخاضوا معركة قانونية ولجأوا الى أكبر المحامين هناك لمقاضاة صانعى الافلام المسيئة للاسلام لأنها تحرض على احتقار المسلمين وكراهيتهم اذ تصورهم باعتبارهم همجا متوحشين يسفكون الدماء على أهون سبب .


 


لكن المسلمين لم يفعلوا ذلك واستسلموا الى الغضب بلا تفكير مما دفعهم الى تصرفات خاطئة وأحيانا الى جرائم أكدت للأسف الصورة السلبية التى تريد الأفلام المسيئة الصاقها بالمسلمين . كيف نقنع العالم أن الفيلم المسيء للرسول كذب وافتراء وقد قام المسلمون في ليبيا بقتل أربعة دبلوماسيين أمريكيين بينهم السفير الأمريكي الذى نشرت وكالات الانباء صورة جثته والصبية الليبيون يسحلونها ويعبثون بها .؟!.


 


هل من الاسلام أن نقتل رجالا أبرياء كانوا يمثلون بلادهم في لبيبا ولاعلاقة لهم من قريب أو بعيد بالفيلم الذى أثار غضبنا


 


 


ثانيا : طبيعة السلطة في الغرب


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


نعيش نحن العرب في مجتمع الاستبداد حيث يستطيع صاحب السلطة أن يفعل ما يشاء . اذا تشاجرت في مصر مع بواب منزلك فسوف تتصل بأحد معارفك من الضباط لكى يتولى تأديبه واذا تشاجرت مع الضابط سوف تبحث عمن يعرف مدير الأمن ليؤدب الضابط .


 


أما رئيس الجمهورية أو الملك أو شيخ الامارة فله السلطة كاملة غير منقوصة . يستطيع أن يغلق القنوات التليفزيونية والصحف ويلقي بالمواطنين في السجون ويلفق لهم ماشاء من التهم . في ظل هذه السلطة مطلقة يكون كل ما يبث في وسائل الاعلام أو ينتج في السينما بالتأكيد من مسئولية الحاكم لأنه لو لم يكن راضيا عنه لأوقفه . عندما تشن وسيلة اعلامية عربية حملة ضد المسئولين في بلد عربي آخر فان المسئولين المتضررين عادة ما يشتكون الى حاكم البلد الذى يهاجمهم الاعلام فيه ،


 


عندئذ يستطيع الحاكم أن يوقف الحملة ضدهم باشارة من اصبعه وربما ( اذا أراد اكرامهم ) يأمر باغلاق القناة أو الصحيفة التى تطاولت عليهم .. للأسف فان مسلمين كثيرين يعتقدون أن المجتمع الغربي يسير على طريقتنا وبالتالي فهم يحملون الحكومات الغربية مسئولية كل ما ينتج من أفلام ويكتب من مقالات في الغرب . هذا التصور الساذج عن النظام السياسي الغربي يدفع الكثيرين الى تصرفات خاطئة .


 


المجتمع الغربي ديمقراطي وبالتالي فان كل مسئول في الدولة له سلطات محددة لايمكن أن يتخطاها والا تم عزله من منصبه وحوكم . رئيس الجمهورية في الغرب لايملك أن يتدخل في محتوى ما ينشر في وسائل الاعلام وهو لا يستطيع أن يغلق جريدة أو قناة تليفزيونية وانما الصحافة هي التى تستطيع عزل الرئيس اذا أقنعت الناخبين بأنه لايصلح لمنصبه . لا تستطيع أى حكومة غربية أن تمنع عرض أى فيلم والا تعرضت الى فضيحة سياسية قد تؤدي الى سقوطها . هذه حقيقة لا يدركها مسلمون كثيرون وبالتالي يقتحمون السفارات الغربية ويحرقونها ويقتلون الدبلوماسيين الأبرياء ظنا منهم أنهم بذلك يضغطون على الحكومات لكي توقف عرض الفيلم المسيء للاسلام . تكون النتيجة أن تتأكد الصورة السلبية عن المسلمين باعتبارهم همجا وارهابيين .


 


ثالثا : ازدواج المعايير في البلاد العربية


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


لايمكن أن ننادي باحترام المباديء بينما نحن أول من يخالفها . عندما يصدر فيلم يسيء للاسلام او يتعرض المسلمون في الغرب الى تمييز ضدهم فنحن نغضب هنا وننادي باحترام حق المسلمين في الغرب في ممارسة دينهم ..لكننا في بلادنا العربية للأسف لا نحترم حقوق مواطنينا الذين ينتمون الى أديان مختلفة . هل من حق الحكومة السعودية أن تعترض على منع النقاب في فرنسا وتنادي باحترام الأقليات بينما هي تضطهد الشيعة في بلادها وقد أرسلت قواتها لتقتل المواطنين الشيعة في البحرين لمجرد أنهم تظاهروا وطالبوا بحقوقهم ..؟


 


هل من حق السلفيين المصريين أن يطالبوا باحترام حقوق المسلمين في الغرب بينما هم في بلادهم يعتبرون الأقباط مواطنين من الدرجة الثانية لايجوز لهم تولي رئاسة الجمهورية ولاقيادة الجيش ويعتبرون البهائيين كفارا مرتدين يجب استتابتهم فان لم يتوبوا يجب قتلهم …؟ في مصر الآن مواطن حوكم وألقى به في السجن لمجرد أنه شيعي .. في مصر ترفض الدولة أن تعترف بحق المواطنين البهائيين في تسجيل ديانتهم . كم مرة اعتدى المتطرفون المسلمون على الأقباط لأنهم أرادوا بناء كنيسة ..؟!


 


 


كم مرة خرج مشايخ متطرفون ليحقروا من عقيدة الأقباط ويعتبرونهم كفارا لا يجوز الترحم على موتاهم وحرام على المسلمين تهنئتهم بأعيادهم ..؟! في مصر تهمة اسمها ازدراء الأديان لا تطبق الا على من يتطاول على الاسلام أما الذين يطعنون في عقائد الأقباط أو الشيعة أو البهائيين فهؤلاء آمنون لا تتم محاسبتهم أبدا ..منذ أيام وضع شاب مصري قبطي اسمه "ألبير صابر " الفيلم المسيء للرسول على صفحته الشخصية في موقع فيسبوك فتجمع أهالي المنطقة التى يسكن فيها لكى يقتحموا بيته ويعتدوا عليه وعندما استغاثت والدته برجال الشرطة جاءوا وبدلا من أن يحموا المواطن ألبير من الاعتداء قبضوا عليه وقدموه للمحاكمة بتهمة ازدراء الأديان ووأعز الضابط الى السجناء فظلوا يضربون ألبير حتى أصيب بجرح قطعي خطير في عنقه .. ما الجريمة التى ارتكبها ألبير صابر ؟!. انه تفرج على الفيلم المسيء ووضعه على صفحته الشخصية .؟. ملايين المصريين شاهدوا الفيلم المسيء وتناقلوه على فيسبوك فلم يقبض عليهم أحد بل ان الشيخ خالد عبدالله أول من عرض هذا الفيلم في قناة الناس على ملايين المتفرجين ..لكن ألبير قبطي يجوز التنكيل به على أهون سبب أما الشيخ خالد عبد الله فهو شيخ اسلامي له أن يفعل مايشاء بغير حساب . هل هذا هو العدل الذى يأمرنا به الاسلام ..؟


 


 


لقد خرجت المظاهرات في مصر احتجاجا على الفيلم المسيئ للرسول فاشترك فيها الأقباط والمسلمون كما أصدرت الكنيسة المصرية والجمعيات القبطية بيانات ادانة للفيلم في اشارة رائعة لتوحد المصريين دفاعا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ماذا فعل المتطرفون ..؟ حملوا لافتات تحقر من الأقباط وتصفهم بعبدة الصليب وقال الشيخ وجدى غنيم ان القساوسة شواذ ووصف أقباط المهجر جميعا بأنهم مومسات ..؟!


 


هل هذا هو السلوك الاسلامي الذى نقدمه للعالم …؟! أحد المشايخ اسمه أبو اسلام قام بحرق الانجيل وتمزيقه علنا أمام الكاميرات وقال انه في المرة القادمة سوف يتبول عليه ..هل يحق لنا بعد ذلك أن نطالب باحترام مقدساتنا اذا كنا نفعل ذلك يمقدسات الآخرين الدينية ..


في النهاية فان معركتنا لوقف الاساءة للاسلام مشروعة نستطيع أن نكسبها اذا اتبعنا الوسائل الآتية :


 


 


1 ــ يجب أن يعطي المسلمون نموذجا حضاريا ( يحض عليه الاسلام فعلا ) في احترام عقيدة الآخرين وحقوقهم . يجب أن نمنح المواطنين في بلادنا حرية الاعتقاد فيؤمن من يؤمن ويكفر من يكفر ويختار كل مواطن الدين الذى يشاء وتظل الدولة في كل الأحوال ضامنة وراعية لحقوق المواطنين جميعا بغض النظر عن أديانهم . عندما نحترم نحن مقدسات الآخرين الدينية سيكون من حقنا الدفاع عن مقدساتنا وسيقنع موقفنا الأخلاقي المتماسك الرأى العام في العالم لكى ينضم الينا في منع الاساءة الى الاسلام .


 


 


2 ــ يجب أن نقدم الى الرأى العام الغربي حقيقة الاسلام . الأموال العربية التى تتراكم من عائد النفط أتمنى أن نوجه جزءا يسيرا منها من أجل انتاج أفلام عالمية تقدم حقيقة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يعرف العالم الجوهر الانساني للاسلام .


 


 


3 ـــ يجب أن نكشف بالضبط من يقف وراء انتاج الأفلام المسيئة للاسلام ونستعين بالجالية المسلمة في الغرب من أجل مقاطعة منتجات أية شركة أو مؤسسة تمول الأفلام المسيئة .


 


 


4 ــ يجب أن نلجأ الى مكاتب قانونية متخصصة في الغرب لمقاضاة صانعي الأفلام المسيئة الاسلام لأنهم ارتكبوا جريمة التحريض على كراهية المسلمين التى تجرمها القوانين الغربية جميعا .


 


 


مهما بلغ بنا الغضب يجب أن ندافع عن النبي بطريقة متحضرة وعاقلة تعكس حضارة الاسلام التى علمت الدنيا التسامح والعدل والحرية


 


الديمقراطية هي الحل


 


العنوان الإليكتروني


[email protected]


 

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on September 18, 2012 12:45

September 12, 2012

مقاله علاء الاسواني فى جريدة المصرى اليوم : كيف نصنع الديكتاتور ..؟

 


مقاله علاء الاسواني  فى جريدة المصرى اليوم


كيف نصنع الديكتاتور ..؟


11 سبتمبر 2012


 


منذ أدائه اليمين الدستورية في 30 يونيو الماضي، لم يقم الرئيس مرسي بأي أجازات خاصة يقضيها مع أسرته…حتى أيام العطلات الرسمية، كان الرئيس مرسي يقضيها داخل القصر الجمهوري من أجل إدارة شؤون البلاد وإجراء المقابلات الرسمية مع الضيوف والمسؤولين..أخيرا، استطاع الرئيس مرسي الحصول على أجازة 48 ساعة قضى خلالها أول وثاني أيام عيد الفطر مع أسرته بمدينة برج العرب، بعيدا عن مسؤوليات العمل الرسمية، ورغم ذلك لم يستطع الإفلات من 22 اتصالا هاتفيا مع زعماء دول عربية وغربية للتشاور حول الأوضاع الإقليمية والدولية”.


 


كان هذا نص الخبر الذي تصدر الصفحة الأولى في جريدة ”الأهرام”، والهدف واضح .. فكل من يقرأ الخبر لابد أن يقول لنفسه : ”مسكين هذا الرئيس.. إن المهام الثقيلة التى يؤديها لاتترك له الفرصة لكي يستمتع بأجازة ولو يوما واحدا مع أسرته”.


 


مع أن الحقيقة أن الرئيس مرسي لم يمض في منصبه سوى أسابيع قليلة وهي فترة لايحتاج المرء بعدها عادة إلى أية أجازة، كما أن الرئيس لا يمسك التليفون بيده ليجري اتصالاته الدولية وإنما لديه معاونون كثيرون سيطلبون له الأرقام وما عليه بعد ذلك إلا أن يتكلم قليلا وهو مستلق في فراشه أو جالس على مقعد مريح…


 


هذه الأخبار الكاذبة المليئة بالنفاق تتكرر الآن في إطار عملية تصنيع الديكتاتور التى تحدث للأسباب التالية:


 


 


 


أولا : ماكينة الاستبداد


 


ورث الرئيس مرسي نظام مبارك بالكامل: أجهزة قمع على استعداد للتعذيب والاعتقال والقتل وإعلام فاسد كاذب يعتمد على الولاء للنظام بغض النظر عن الكفاءة وأجهزة حكومية تعودت أن تنفذ تعليمات الرئيس مهما كانت وتتغنى بحكمته.


 


كان المتوقع من أول رئيس منتخب بعد الثورة أن يؤسس لديمقراطية حقيقية لكنه للأسف حافظ على ماكينة الاستبداد التي ورثها عن مبارك وبدأ يوجهها لمصلحته.


 


فبدلا من رؤساء تحرير الصحف القومية الذين طالما نافقوا مبارك، عين مجلس الشوري (عن طريق مسابقة غامضة ) رؤساء تحرير يدينون بمناصبهم إلى الإخوان المسلمين، وبدلا من وزير إعلام برتبة لواء يمنع نقد المجلس العسكري جاء وزير إعلام إخواني ليمنع المسلسلات التي تنتقد الإخوان..


 


وبدلا من تعيين محافظين موالين لمبارك تم تعيين محافظين موالين للإخوان المسلمين وبدلا من قانون الطوارئ الذي ارتكب مبارك في ظله جرائم بشعة ضد المصريين، يتم الإعداد الآن لقانون طوارئ جديد لخدمة الرئيس مرسي.


 


وقد عرفت من مصادر موثوقة أن كبار الضباط في جهاز أمن الدولة يتوددون الآن لقيادات الإخوان المسلمين، يعتذرون عن الجرائم التى ارتكبوها في حقهم أيام مبارك ويعرضون عليهم خدماتهم . إن أجهزة الأمن التى لم تتغير بعد الثورة قد تتحول في أية لحظة إلى أداة قمع في يد الرئيس والإخوان المسلمين.


 


 


ثانيا : الضعف الانساني


 


مهما كان الإنسان متواضعا فإنه إذا تولى السلطة غالبا ما يكون ضعيفا أمام النفاق وشيئا فشيئا سوف يصدق كلمات المديح ويعتبر أنه يستحقها عن جدارة.


 


في كتابه الرائع ”ماذا حدث للثورة المصرية ؟” يحكى المفكر الكبير جلال أمين تجربته عندما كان أستاذا في الجامعة الأمريكية، ففي الأيام التى يلقى فيها محاضراته كان الطلاب يتوافدون على مكتبه ليسألوه أو ويطلبوا منه أشياء تتعلق بالدراسة وبعد أن يقضى لهم طلباتهم كان هؤلاء الطلاب كثيرا ما يشكرونه بطريقة زائدة أو يمدحونه بإفراط وهنا يقول الدكتور جلال أمين:”لاحظت أننى في مثل هذه المواقف تعتريني لبعض الوقت درجة لا يستهان بها من الإعجاب بالنفس والغرور إذ أصدق ما قيل عنى واعتبره صادقا لمجرد أننى أحب أن يكون كذلك”.


 


هذه الدرجة العالية من مراقبة النفس ومقاومة الغرور التى يتمتع بها الدكتور جلال أمين لا تتوفر عند معظم الناس.


 


لقد رأينا كيف ذهب الرئيس مرسي في زيارة عادية إلى الصين ليبحث وسائل التعاون معها، فإذا بوسائل الإعلام تصور زيارته على أنها فتح مبين ويتبارى أساتذة العلوم السياسية في شرح الفوائد الكبرى التى ستعم على البلاد والعباد من زيارة مرسي التاريخية للصين.


 


وقد ظهرت فجأة جمعية مجهولة تسمي نفسها منظمة السلام العالمي وأعلنت أنها قررت منح الرئيس محمد مرسي جائزة السلام العالمي لعام 2012 ونحن نتساءل: لماذا لا تنتظر هذه المنظمة حتى نهاية العام حتى تتأكد من جدارة الرئيس مرسي بالجائزة بل وماذا فعل الرئيس مرسي أصلا ليستحق أية جائزة وقد فشل حتى الآن في تقديم أى حل لمشكلات مصر المعقدة المزمنة ؟!.


 


إن تصنيع الديكتاتور يجري على قدم وساق وقد بدت على الرئيس مرسي للأسف علامات الاستجابة للنفاق فرأيناه يطلب قرضا كبيرا من صندوق النقد الدولي بدون أن يستشير المصريين الذين سيدفعون من أموالهم قيمة القرض وفوائده، وبينما تتقاعس الشرطة عن حماية المصريين وتضطر المستشفيات إلى إغلاق أبوابها خوفا من هجمات البلطجية لا يجد الرئيس حرجا في أن يتجول في حراسة ثلاثة آلاف جندي وعشرات الضباط والقناصة بل إنه لم يتحرج كرئيس إسلامي وهو يرى جنود الحراسة يمنعون المصلين من دخول الجامع الذى يصلى فيه.


 


المعنى هنا أن أمن الرئيس أهم بكثير من أمن المواطن . نفس المفهوم الذى كان سائدا أيام مبارك يعاد انتاجه من أجل الرئيس مرسي.


 


 


ثالثا :التنظيم السري


 


الرئيس مرسي منتخب من الشعب الا أنه ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين وهي حتى الآن تنظيم سري غامض . كم يبلغ عدد الإخوان المسلمين، وهل لديهم جناح عسكري، ومن أين يحصلون على الأموال الهائلة التى ينفقونها في الانتخابات، وهل يتلقون تمويلا خارجيا؟، كل هذه أسئلة بلا إجابة لأن الإخوان المسلمين يرفضون تقنين أوضاع جماعتهم وبالتالي فان المواطن المصري يتعامل مع رئيس منتخب لديه جزء غاطس مجهول.


 


نحن لا نعرف الحدود بين رئاسة الجمهورية ومكتب الإرشاد ولا العلاقة بين رئيس الدولة ومرشد الإخوان وبالتالي يظل تنظيم الإخوان بمثابة ذراع سرية للرئيس مستعصية على رقابة الشعب ومحاسبة الدولة.. وقد رأينا كيف هاجمت مجموعات منظمة مدينة الإنتاج واعتدت على الإعلاميين المناهضين للإخوان ثم سارعت قيادة الإخوان ورئاسة الجمهورية بإدانة الهجوم . مادامت جماعة الإخوان غير شرعية وترفض رقابة الدولة فان الرئيس مرسي يمتلك تحت امرته تنظيما سريا يستطيع في أية لحظة التدخل بشتى الطرق من أجل إبقاء الرئيس في السلطة.


 


 


رابعا : التراث الديني


 


الرئيس مرسي إسلامي ولذلك فهو يستعيد التراث الإسلامي في خطبه ومواقفه جميعا وهذا مفهوم، المشكلة أن علاقة الحاكم بالمواطنين في التراث الإسلامي لها مفهومان متناقضان. لقد قدم الإسلام مفهوما ديمقراطيا للسلطة تجلى في حكم أبي بكر وعمر رضى الله عنهما. ما أن تولى أبو بكر الحكم حتى ألقى خطبة عظيمة بدأها قائلا:


 


”أيها الناس قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني”.


 


هذه الجملة كانت بمثابة دستور ديمقراطي يعتبر الحاكم رجلا عاديا في خدمة المواطنين ومن حقهم نقده وتقويمه وخلعه من منصبه.. لكن هذا المفهوم العادل سرعان ما يختفى في التاريخ الإسلامي لينادي فقهاء كثيرون بوجوب طاعة الحاكم المسلم حتى ولو كان ظالما وفاسدا..


 


هذا المفهوم الاستبدادي البعيد عن صحيح الدين يمهد لصناعة الديكتاتور ويفسر لنا لماذا رفض كثيرون من مشايخ السلفية الثورة ضد مبارك، ولماذا تعاونوا مع أجهزة الأمن، ولماذا أجاز بعض الفقهاء قتل المتظاهرين الذين يطالبون بإقالة مرسي . إذا أراد الرئيس مرسي أن يبقى في السلطة بعد انتهاء ولايته فان هؤلاء المشايخ سيؤيدونه غالبا لأن قراءتهم الخاطئة للإسلام لا تعترف بمبدأ تداول السلطة.


 


 


خامسا : متلازمة ستوكهولم


 


اندلعت الثورة وخلعت مبارك وحاكمته وألقت به في السجن، لكن بعض المصريين لازالوا يتعاطفون مع مبارك، بعض هؤلاء المتعاطفين موقفهم مفهوم لأنهم استفادوا من نظام مبارك، لكن الغريب أن هناك مصريين عانوا بشدة من ظلم مبارك وفساده، لكنهم مع ذلك يدافعون عنه ويتعاطفون معه. هؤلاء في رأيي مصابون بمرض متلازمة استوكهلومStockholm syndrome ..


 


ففي عام 1973 هاجم بعض اللصوص أحد البنوك في استوكهولم وأخذوا أربعة موظفين (ثلاث نساء، ورجل ) رهائن لمدة ستة أيام وكانت المفارقة فى أن المختطفين بعد إطلاق سراحهم تكونت بداخلهم مشاعر تعاطف وارتباط بالجناة، حتى صار رجال الشرطة بالنسبة لهم أعداء، والخاطفون هم الأصدقاء. إن متلازمة استوكهولم كما تصيب الأفراد تصيب الشعوب التى تتعرض للاستبداد لفترة طويلة، إذ يتعلق بعض الناس بالطاغية مع اعترافهم بظلمه وفساده، لكن وجوده في السلطة يمنحهم احساسا بالأمن، ويكون بالنسبة إليهم الأب الذي يحميهم من شرور العالم فهم يتعلقون به مهما ظلمهم وقمعهم .. هذا القطاع من المصريين الذى لا نعرف حجمه لايمكن أن يتعامل مع الرئيس باعتباره موظفا عاما فهم يشتاقون إلى طاغية يحميهم ويقمعهم ويحسون بضعفهم وضآلتهم أمامه.


 


هؤلاء المرضى بمتلازمة استوكهولم بعد أن تأكدوا من أن مبارك لن يعود بدءوا يتعلقون بالرئيس مرسي ويبررون كل أفعاله مهما كانت خاطئة و يصورونه باعتباره زعيما ملهما جاء لينقذ الأمة بحكمته وشجاعته.


 


في ظل هذه العوامل يتم الآن تصنيع ديكتاتور جديد لمصر. لقد أعلن الرئيس مرسي مرارا أنه يرفض الاستبداد لكن التجربة علمتنا أن كل من حكم مصر قد بدأ متواضعا طيبا مدافعا عن حقوق الناس ثم تحول شيئا فشيئا الى طاغية ليرتكب أبشع الجرائم من أجل الاحتفاظ بالسلطة. إن الرئيس مرسي يتحول أمام أعيننا من رجل عادي فاز بالانتخابات بفارق ضئيل للغاية إلى زعيم الأمة الملهم والحكيم العظيم ورجل الثورة وبطل السلام إلى آخر هذه الألقاب المزيفة التى أغدقها المنافقون على كل من حكم بلادنا.


 


إن الثورة المصرية قدمت آلاف الشهداء والمصابين من أجل الكرامة وحرية والعدالة الاجتماعية وهذه المبادئ لا يمكن أن تتحقق الا بعد أن نرسخ في الأذهان أن الرئيس مجرد موظف مهمته أن يخدم المواطنين ويجب أن يحاسب بشدة على أخطائه كما يجب أن يتحمل النقد مهما كان قاسيا أو متجاوزا لأن الغرض منه الصالح العام..


 


مهمة الثورة الآن في رأيي أن تمنع صناعة طاغية جديد.. عندئذ سنبني الدولة الديمقراطية التى مات من أجلها الشهداء.


 


الديمقراطية هي الحل


 

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on September 12, 2012 04:49

September 4, 2012

مقاله د. علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم : هل نحن متحضرون فعلا ..؟! ….

 


مقاله د. علاء الأسواني   فى جريدة المصرى اليوم


4 سبتمبر 2012


هل نحن متحضرون فعلا ..؟! ….


 


كان هناك شاب يعمل مع فتاة في أحد المكاتب في القاهرة . اضطر الشاب الى السفر في مهمة عمل الى الاسكندرية فاتفق مع زميلته على أن تنتظره تحت المكتب حتى يأخذ منها أوراقا يحتاج اليها في مهمته .


 


وقفت الفتاة في الشارع تنتظر زميلها . فوجئت برجل لا تعرفه يقترب منها ويهمس :


 


…ــ أنت حلوة قوى


 


ثم بدأ يتحرش بها . مد يده يتحسس جسدها في وسط الشارع وفي عز النهار . استغاثت الفتاة وحاولت أن تدفع الرجل بعيدا لكنه استمر في التحرش بها . وصل زميل الفتاة وشاهد ما يحدث فهجم على المتحرش ليبعده عن زميلته .


 


كان المتحرش أقوى جسديا من الشاب فضربه ضربا مبرحا أدى الى كسر أحد ضلوعه وأحدث في وجهه اصابات بالغة ثم دفعه فسقط في نهر الشارع وكادت السيارات أن تدهسه .


 


 


اجتمع الناس وجاءت الشرطة . في وسط الانفلات الأمنى المتعمد الذى تعاني منه مصر بعد الثورة تصرف مأمور القسم بطريقة مسئولة فأمر بالقبض على المتحرش وأحاله الى النيابة التى قضت بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق .


 


هذه الواقعة حقيقية لكن تفاصيلها تكسبها بعدا جديدا :


 


فالمتحرش مسلم و الفتاة ضحية التحرش مسلمة محجبة اسمها رحمة محمد وزميلها الشاب الذى دافع عنها باستماتة قبطي اسمه ميشيل جورج والضابط الذى نفذ القانون ضد المتحرش قبطي أيضا هو العميد هاني جرجس مأمور قسم قصر النيل والواقعة تحولت لقضية رقم 7788 لسنة 2012 جنح قصر النيل ..السؤال: .


 


 


مالذى يدفع شابا قبطيا للمخاطرة بحياته من أجل انقاذ فتاة مسلمة محجبة وما الذى يدفع الضابط القبطي لأن يقوم بالقبض على رجل مسلم اعتدى على فتاة مسلمة ..؟ الاجابة أن الشاب والضابط لم يفكرا في الفتاة باعتبارها مسلمة أو قبطية وانما فكرا أنها انسانة تتعرض للتحرش ومن واجبهما الدفاع عنها .هذه الواقعة تجسد لنا السلوك المتحضر : أن ندافع عن حقوق الآخرين لأنهم بشر وليس لأنهم يشتركون معنا في الديانة أوالجنس ..


 


هذا السلوك المتحضر كثيرا ما يقوم به مسلمون أيضا ..


 


ففي وسط الحوادث الطائفية أثناء الاعتداء على الكنائس وبيوت الأقباط عادة ما يظهر مسلمون متحضرون يحمون الأقباط من الاعتداء وهم عندئذ لاينظرون اليهم كأقباط وانما كبشر لهم حقوق انسانية من واجبهم أن يدافعوا عنها ..


 


 


هذه الوقائع المشرفة التى تظهر بين الحين والحين تطرح السؤال : هل نحن متحضرون فعلا ..؟


 


رأيي أننا متحضرون لكننا نعيش في دولة غير متحضرة . علينا هنا أن نفرق بين التمدن والتحضر .


 


التمدن مظهر والتحضر جوهر .. اذا حققت الدولة تقدما اقتصاديا ورفعت مستوى معيشة المواطنين وأنشأت جيشا قويا .. كل ذلك يجعلها دولة قوية متمدنة لكنها لن تكون دولة متحضرة الا اذا أعلت من قيمة الانسان ودافعت عن حقوقه بغض النظر عن دينه أو طبقته الاجتماعية . لايمكن للدولة أن تكون متحضرة الا اذا سادت المفاهيم الآتية : .


 


 


أولا الفهم الانساني للدين :


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


هل نعتبر أنفسنا بشرا أولا أم أننا مسلمون أو أقباط أولا ..؟! هل يأتي انتماؤنا للدين قبل انتمائنا للانسانية أم العكس..؟! .الاجابة ان فهمنا الصحيح للدين هو مايجعلنا أكثر انتماء للانسانية ..


 


اذا كنت متدينا بحق فسوف تدافع قطعا عن حقوق الآخرين مهما اختلفوا معك في الجنس أوالدين أو الأفكار. .. هذا المفهوم الصحيح للدين تراجع تماما في نظام مبارك . . على مدى ثلاثة عقود من الزمان ،


 


انتشرت القراءة الوهابية للاسلام المدعومة بأموال النفط ، ونجحت في أن تنشر في المجتمع المصري وعيا دينيا متشددا يحاسب الناس على معتقداتهم ويعتبر الأقباط فئة ضالة ويحاسبهم على ذلك ..منذ شهور كتبت في هذا المكان قصة تخيلت فيها أن شهداء الثورة المسلمين والأقباط صعدوا الى الجنة فوصلتنى ردود فعل مؤسفة من قراء كثيرين لاموني لأننى تخيلت أن الأقباط سيدخلون الجنة بينما هم يعتقدون أن الجنة ستقتصر فقط على المسلمين وغير ذلك لا يجوز حتى لو كان في قصة متخيلة .


 


ثانيا التأكيد على المسئولية الشخصية:


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


الدولة المتحضرة تعتبر الناس مسئولين عن تصرفاتهم كأفراد فقط وليس باعتبارهم أعضاء في جماعات أو طوائف . اذا حاسبنا الآخرين بطريقة جماعية فهذه أول خطوة نحو التعصب .. هل نعارض نحن العرب اسرائيل بسبب سياساتها أم بسبب ديانتها ..؟


 


اذا كنا نعارض سياسات اسرائيل العدوانية الظالمة فهذا موقف انساني عادل ومفهوم يشاركنا فيه ملايين الناس في كل أنحاء العالم أما اذا كنا نعارض اسرائيل لمجرد أنها دولة يهودية فنحن نمارس سلوكا طائفيا متعصبا .


 


لايحق لنا أن نعادى مجموعة من الناس على خلفية ديانتهم ..لا يجوز لنا أن نكره اليهود جميعا لمجرد أنهم يهود والا فنحن نعطي الحق للآخرين لكي يعاملونا بنفس التعصب فيكرهوننا لمجرد أننا مسلمون .. كما أنه من الظلم البين أن نعتبر أى شخص مسئول عن أفعال الآخرين لمجرد أنهم ينتمون لديانته. هناك قائمة طويلة بأسماء يهود غربيين اتخذوا مواقف معارضة لاسرائيل وأدانوا سياساتها العدوانية ..


 


الرئيس النمساوي الراحل اليهودي برونو كرايسكي والمفكر الأمريكي اليهودي ناعوم تشومسكي وغيرهم كثيرون بل ان هناك فتاة أمريكية يهودية اسمها راشيل كوري تركت الولايات المتحدة وذهبت الى فلسطين لتدافع عن حقوق الفلسطينيين وفي يوم 16 مارس عام 2003 كانت الجرافات الاسرائيلية تهدم بيوت الفلسطينيين في مدينة رفح فاعترضت راشيل كوري طريق الجرافة لتحمى بيوت الفلسطينيين فما كان من سائق الجرافة الا أن تقدم وسحقها فماتت تحت الجرافة . ..


 


هاهي فتاة يهودية تضحي بحياتها دفاعا عن فلسطينيين مسلمين .ليس من حقنا اذن أن نعادي أية مجموعة من الناس بسبب ديانتهم أو جنسهم بل يجب أن يكون الانسان مسئولا عن تصرفاته بشكل شخصي .


 


 


ثالثا : تأسيس الدولة المدنية


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


الدولة المدنية لا يرتب فيها الدين أية حقوق سياسية للمواطنين فيكونون جميعا سواسية أمام القانون بغض النظر عن ديانتهم . في الدولة المدنية من حق المواطنين أن يعتنقوا ما شاءوا من أديان ومن حقهم أن يمارسوا شعائرهم بغير أن ينتقص ذلك من حقوقهم كمواطنين . للأسف فان حرية الاعتقاد في مصر تتراجع بسبب تخاذل الدولة عن حمايتها ،


 


في الشهر الماضى حوكم مواطن مصري وهو الآن محبوس لأنه شيعي وهكذا فقد أصبح الانتماء الى المذهب الشيعي تهمة يعاقب عليها القانون المصري بينما في عام 1939 تزوجت الأميرة فوزية أخت الملك فاروق من ولي العهد الايراني واحتفلت مصر كلها بالعرس الملكي ولم يفكر أحد في أن العريس شيعي والعروس سنية . ..


 


لازالت الدولة المصرية ترفض باستماتة الاعتراف بحقوق البهائيين مما يضطرهم للكذب في الأوراق الرسمية فيكتبون أنهم مسلمون مع أن ديانتهم بهائية .


 


المؤسف أن الدستور الذى تتم كتابته الآن قد قصر اعتراف الدولة على الأديان السماوية الثلاثة وهذا النص الدستوري مناف لحرية الاعتقاد لأن هناك مواطنين مصريين مثل البهائيين لاينتمون الى هذه الأديان الثلاثة ومن حقهم على الدولة اذا كانت متحضرة أن تعترف بحقوقهم الدينية كما أن معظم الأديان في العالم يعتبرها معتنقوها أديانا سماوية .


 


السؤال الآن : ماذا لوقررت الدول ذات الأغلبية البوذية أو الهندوسية أن تعاملنا بالمثل ، ماذا لو أن أحد المصريين المقيمين في الصين أو الهند ، مسلما كان أو قبطيا ،


 


ذهب لأداء الصلاة فألقت السلطات هناك القبض عليه وقالت انها لا تعترف بالاسلام والمسيحية كما رفضت الدولة المصرية الاعتراف بالبوذية أو الهندوسية . لايمكن أن تكون الدولة متحضرة قبل أن تبيح لمواطنيها حرية الاعتقاد بغير قيد أو شرط


 


 


رابعا : ثقافة التسامح وتجريم الكراهية


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


الدين ليس وجهة نظر وانما هو اعتقاد حصري .من هنا فان أتباع أى دين يؤمنون دائما بأن دينهم الوحيد الصحيح بينما بقية الأديان مزيفة أو محرفة .


 


الاسلام يعترف بالمسيحية واليهودية لكنه يعتبر أن الديانتين قد أصابهما تحريف أخرجهما عن طريق الحق .


 


المسيحيون لايعترفون بنبوة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام .


 


أما اليهود فلا يعترفون بالمسيحية ولا بالاسلام ويؤمنون أن المسيح الحقيقي لم يظهر بعد ..


 


هذا التضارب بين الأديان تسبب في حروب ومذابح بشعة على مر التاريخ الانساني حتى تعلمت الدول المتحضرة أن تحترم الأديان جميعا وتسن القوانين لتمنع أتباع أى دين من اهانة الأديان الأخرى . من حقك أن تمارس معتقداتك لكن ليس من حقك أن تهين أديان الآخرين . في القانون المصري تهمة اسمها ازدراء الأديان لكنها لم توجه قط الا الى الذين أهانوا معتقدات المسلمين . أما بعض المشايخ المتطرفين الذين يهينون الأقباط ويعلنون أنهم كفار لاتجوز تهنئتهم بأعيادهم فهؤلاء لا تعتبر الدولة أن اهاناتهم للمسيحية جريمة ازدراء للأديان . ..


 


 


ان الشعب المصري متحضر لكن الدولة غير متحضرة وهي تسمح بالتمييز واضطهاد المختلفين عن دين الاغلبية كما أنها لا تحترم آدمية المصريين سواء كانوا مسلمين أو أقباطا .


 


هكذا كانت دولة الاستبداد التى أقامها حسني مبارك على مدى ثلاثين عاما ثم قامت الثورة المصرية وجاء أول رئيس منتخب من الشعب وكنا نتوقع أن يشرع في انشاء الدولة العادلة المتحضرة التى تعلى من قيمة الانسان وكرامته بغض النظر عن دينه أو انتمائه السياسي . لكن الاشارات التى يرسلها الرئيس مرسي للأسف مقلقة ولا تبشر لخير…


 


الرئيس مرسي يوالي الافراج عن المعتقلين الاسلاميين الذين ينتمون مثله الى جماعات الاسلام السياسي وفي نفس الوقت لايريد أن يستعمل حقه في العفو عن معتقلى الثورة المدنيين الذين حوكموا عسكريا لأنهم ليسوا اسلاميين . .


 


هناك مواطنة مصرية اسمها نجلاء وفا يتم جلدها كل أسبوع في المملكة السعودية عقابا لها على اغضابها لاحدى الأميرات السعوديات وهناك المحامي أحمد الجيزاوي الذى يستغيث من التعذيب الذى يتعرض له في سجون السعودية وهناك عشرات المعتقلين المصريين الذين لم تكن السلطات السعودية لتجرؤ على المساس بهم لو كانوا أوروبيين أو أمريكيين .


 


لكن علاقة الرئيس مرسي مع الأسرة المالكة السعودية ، فيما يبدو ، أهم لديه من كرامة المصريين ،


 


تماما كما كان مبارك يحرص على صداقة ملوك الخليج ولا يعبأ اطلاقا بأحوال المصريين العاملين هناك . لن تكون الدولة المصرية متحضرة الا اذا اعتبرت أن أهم واجباتها الحفاظ على كرامة المصريين وحقوقهم .


 


 


الديمقراطية هي الحل


 


العنوان الإليكتروني


[email protected]


برجاء الارسال على هذا الايميل فقط

1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on September 04, 2012 04:13

August 28, 2012

تنبيه مهم للاصدقاء

 


يرجى الارسال للدكتور علاء على هذا الايميل فقط


[email protected]


 

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on August 28, 2012 12:24

مقاله د. علاء الأسواني فى جريدة المصرى اليوم : .هل يكره المصريون النجاح ….؟!

 


مقاله د. علاء الأسواني  فى جريدة المصرى اليوم


28 اغسطس 2012


.هل يكره المصريون النجاح ….؟!


 


لو أنك مصري وهاجرت الى الغرب ثم أكملت تعليمك في أكبر جامعات العالم وتفوقت حتى حصلت على أكبر الشهادات وأرفع المناصب .. كيف ستكون علاقتك مع مصر ..؟!


 


 


سيكون أمامك اختياران : اما أن تستمتع بنجاحك وحياتك الرغدة في الغرب وتأتي مع أسرتك أثناء الاجازات الى مصر لتستمتع بشواطئها وشمسها الدافئة …


 


 


واما أن تحس بالتزام نحو بلادك وتعمل على أن تفيد المصريين بعلمك وخبرتك . هذا الاختيار الثاني سيفتح عليك باب المشاكل وسوف تتعرض للتعطيل والهجوم والتشكيك وسوف تكتشف لدهشتك وجود مصريين متطوعين للهجوم عليك والاساءة اليك وهؤلاء لن يهدأ لهم بال حتى يصيبك اليأس من الاصلاح وتعود من حيث أتيت ..


 


 


هذا بالضبط ما يحدث الآن للعالم المصري الكبير الدكتور أحمد زويل . الذى حصل على جائزة نوبل في الكيمياء وعلى 50 دكتوراة فخرية من أكبر جامعات العالم وأوسمة عديدة من حكومات العالم واختارته الادارة الامريكية كواحد من أهم العقول في امريكا .. الدكتور زويل يعتبر نفسه مدينا لبلاده ويريد أن يفعل شيئا مفيدا ينقل به علمه الرفيع الى الأجيال الجديدة من المصريين .


 


فكر الدكتور زويل في انشاء قاعدة علمية حديثة تتكون من معاهد متخصصة تخرج لمصر علماء مدربين على أعلى مستوى عالمي .


 


 


هذه المدينة العلمية ستكون فريدة من نوعها في العالم العربي و الشرق كله وستدفع بمصر الى المقدمة في مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا والتصنيع .. في أى بلد في العالم كانت الدولة ستسارع بوضع امكاناتها كله تحت تصرف الدكتور زويل ليصنع النهضة العلمية أما في مصر فقد ظل الدكتور زويل على مدى 15 عاما يحارب بضراوة من اجل انشاء مدينته العلمية . وقد بدأ حسني مبارك بالاحتفاء بالدكتور زويل فمنحه قلادة النيل وتحمس لمشروعه ومنحه أرضا ليبنيه عليها لكن أجهزة الامن رفعت تقارير لمبارك تحذره من الشعبية الطاغية التى يتمتع بها زويل في أوساط الشباب حتى أن بعضهم تحمس لترشيحه رئيسا للجمهورية وكان هذا كافيا لكي يغضب مبارك على زويل فتم سحب أرض المشروع منه بعد أن وضع رئيس الوزراء حجر الأساس وقضى الدكتور زويل أعواما مغضوبا عليه من نظام مبارك حتى قامت الثورة وخلعت مبارك فتجدد أمل الدكتور زويل في انشاء مشروعه الكبير ..


 


هنا لابد أن نستعرض التفاصيل :


 


 


1 ــ كان أحمد نظيف رئيسا لوزراء مبارك وأنشأ جامعة النيل وقامت الحكومة التى يرأسها باعطاء هذه الجامعة مساحة 126 فدانا للانتفاع بسعر جنيه واحد فقط للفدان لمدة ثلاثين عاما وقامت الحكومة بانشاء بعض المباني لهذه الجامعة من ميزانية الدولة ( لاحظ أن هذه جامعة خاصة يتم الانفاق عليها من ميزانية الدولة لأن رئيس الوزراء يرعاها )


 


 


2 ـــ قامت الثورة وأطاحت بمبارك فاجتمع مجلس أمناء جامعة النيل يوم 17 فيراير 2011 وقرر بالاجماع التنازل عن الأرض المخصصة للجامعة تنازلا نهائيا غير مشروط وارجاعها للدولة وبعد يومين صدر قرار من الحكومة باستعادة أرض جامعة النيل وضمها للدولة من جديد ..


 


 


3 ــ بعد أن استعادت الدولة أرض جامعة النيل بناء على تنازل مجلس أمنائها النهائي وغير المشروط .. قررت الحكومة المصرية تخصيص الأرض ذاتها لتقام عليها مدينة زويل العلمية .بدأ الدكتور زويل العمل فقام بتكوين مجلس أمناء من أكبر العلماء في العالم على رأسهم ستة علماء حاصلين على جائزة نوبل والدكتور مجدى يعقوب والدكتور محمد غنيم والدكتور مصطفى السيد وغيرهم بالاضافة الى العديد من الاساتذة المصريين النوابغ الذين تركوا مناصبهم في أكبر جامعات العالم وجاءوا ليعملوا في مدينة زويل للعلوم وقد أراد الدكتور زويل بناء القاعدة العلمية بأيدي المصريين ففتح الباب للتبرعات التى انهمرت من ملايين المصريين في مشهد عظيم يذكرنا بالاكتتاب الشعبي الذى أنشأ جامعة القاهرة عام 1908. .. هنا حدثت المفاجأة : فقد ظهر المسئولون عن جامعة النيل ليطالبوا بالأرض التى تنازلوا عنها بمحض ارادتهم تنازلا نهائيا غير مشروط في وثيقة رسمية مسجلة ..


 


 


وبدأت حملة اعلامية منظمة ومؤسفة للاساءة للدكتور زويل .. السؤال : كيف يتنازل المسئولون عن جامعة النيل عن الارض المخصصة للجامعة ثم يغيرون رأيهم ويطالبون بها ..؟!.وما دخل الدكتور زويل أساسا بهذه المشكلة ولماذا لاتتدخل الحكومة المصرية لتعلن مسئوليتها عن اعطاء الأرض للدكتور زويل ولماذا لا تبرز الحكومة التنازل الرسمي الذى وقعه مسئولو جامعة النيل عن الأرض ..؟! . هل يدرك رئيس الجمهورية مدى الفائدة العائدة على مصر من انشاء قاعدة زويل العلمية ..؟ هل تدرك قيادة القوات المسلحة أن قاعدة زويل العلمية ستصنع تطورا فائقا في مجال الصناعات العسكرية ؟! هل يعقل أن يأتي عالم حاصل على جائزة نوبل لينشيء قاعدة علمية ستجعل من بلاده قوة كبرى فيمنعه من ذلك أبناء بلاده أنفسهم ..؟! ..


 


 


كل هذه الأسئلة اجابتها اننا في مصر حيث لا يوجد قانون ولا قواعد وانما الغلبة للأقوى . معظم المسئولين عن جامعة النيل كانوا من أصحاب النفوذ في عصر مبارك وحيث أن نظام مبارك لم يسقط فهم لازالوا يتمتعون بالنفوذ في الاعلام ودوائر الحكم ، ولأنهم أقوياء يعتبرون أن من حقهم أن يتنازلوا وقتما شاءوا عن الأرض ثم يستردونها وقتما شاءوا حتى ولو كان الثمن اضاعة فرصة عظيمة لكى تحقق مصر نهضتها العلمية . .. السؤال الأهم : هل يكره المصريون النجاح ..؟! ان ماحدث للدكتور زويل قد حدث من قبل لمعظم المصريين الذين تعلموا في الغرب وعادوا الى بلادهم ليفيدوها بعلمهم فتم التضييق عليهم وتعطيلهم حتى تركوا مصر وعادوا من حيث أتوا . النابغون يحصلون على التقدير أولا في بلادهم ثم يعترف بهم العالم بعد ذلك الا في مصر فان أبناءها يأتيهم التقدير العالمي الرفيع ثم يعودون الى وطنهم فيتلقون هجوما شرسا ووابلا من الاساءات … أى بلد في العالم تسعى جاهدة لكى يحصل أحد أبنائها على جائزة نوبل و مصر البلد العربي الوحيد الذى حصل أبناؤه على جائزة نوبل أربع مرات على أن المصريين الحاصلين على نوبل هم أكثر من تعرض للتجريح والتشكيك من أبناء وطنهم ..


 


 


 


ان المجتمعات تمرض كما يمرض الافراد ولاشك أن المجتمع المصري يعاني من أمراض من أسوأها تلك الشهوة المرضية التى تنتاب بعض المصريين من أجل الاساءة الى الناجحين وتشويههم والتقليل من انجازاتهم . بعض المصريين يكرهون كل من ينجح ويناصبونه العداء ويحاربونه بضراوة حتى يهرب أو يصيبه اليأس فيتوقف عن العمل . كأن هؤلاء الكارهين للنجاح قد أصيبوا بداء التدمير الذاتي الذى يجعل الانسان يمزق جلده أو يطعن نفسه بنفسه .


 


ان كراهية بعض المصريين لمواطنيهم الذين يحققون نجاحا عالميا ترجع للاسباب الاتية :


 


 


أولا : معظم الجوائز والشهادات في مصر تسيطر عليها الوساطة والمحسوبية وبالتالي تكون غير عادلة و تذهب الى غير مستحقيها مما جعل مصريين كثيرين يفقدون الثقة في النجاح الذي يحققه أى مصري ويميلون للتشكيك فيه واتهامه بأنه حصل على هذا التقدير لأى سبب الا كفاءته واجتهاده . هؤلاء المشككون في كل ناجح ينسون ان معظم الشهادات والجوائز في الغرب تخضع لمعايير موضوعية بل ان المصري أو العربي الذى يتفوق في الغرب عليه ان يثبت دائما انه أكفا مرتين من نظيره الغربي


 


 


 


ثانيا : مع انتشار الأفكار الدينية المتطرفة بدأ مصريون كثيرون يعتبرون الغرب معاديا للعرب والمسلمين وبالتالي فهم ينظرون الى كل من يحصل على تقدير عالمي بنظرة متشككة لأنه ـــ في رأيهم ــ حصل على رضا الأعداء ..هذه النظرة الخاطئة تنم عن جهل أصحابها الفاحش ..صحيح أن الحكومات الغربية انتهجت غالبا سياسات ألحقت أكبر الضرر بالعرب والمسلمين لكن الصحيح أيضا أن الغرب ليس شيئا واحدا أبدا . فالشعوب والجامعات والمؤسسات في الغرب غالبا ما تتخذ مواقف مغايرة بل ومعارضة للحكومات .. الأمثلة على ذلك بلا حصر فقد أيدت الشعوب الغربية الثورة المصرية منذ اليوم الأول بينما وقفت الحكومات الغربية ما بين الحذر وتأييد مبارك ،


 


 


و بينما أيدت معظم الحكومات الغربية الحرب على العراق واشتركت فيها فقد رفضها الرأى العام في الغرب بل ان المظاهرات المعادية للعدوان على العراق في العواصم الغربية كانت أكبر من المظاهرات التى قامت لنفس الغرض في عواصم العالم العربي . .


ثالثا : ثلاثون عاما من الفساد والظلم عاشتها مصر تحت حكم مبارك مما أدى في النهاية الى شيوع الاحباط بين المصريين . .. مصريون كثيرون يشعرون بأنهم يستحقون حياة أفضل بكثير من حياتهم .


 


 


كل واحد من هؤلاء المحبطين مقتنع بأن فشله في تحقيق أى انجاز يذكر في حياته لا يعود الى ضعف قدراته أو كسله وانما السبب في ذلك الظروف التى منعته من تحقيق النجاح .هذا التفكير كثيرا ما يكون صحيحا لكن خطورته أنه يضع الفرد المحبط في مقارنة دائمة مع الآخرين . وبالتالي فهو اذا رأى أحد المصريين يحقق نجاحا عالميا لابد أن يزعجه ذلك النجاح لأنه يثبت له أن فشله لم يكن قدرا أو نتيجة لظروف معطلة وانما بسبب عجزه أو تقصيره ..من هنا لا بد للمحبط المتعايش مع احباطه أن يشن هجوما ضاريا على المصري الناجح حتى يثبت لنفسه ان النجاح الذى أحرزه ليس حقيقيا ولا مستحقا ..


 


لقد عرفت الدكتور زويل ورأيت بنفسي كيف اجتهد وسعى بصبر ودأب من أجل تنفيذ حلمه في القاعدة العلمية التى يريد أن يهديها الى المصريين . رأيت كيف التقى بعشرات المسئولين ودخل في دهاليز البيروقراطية المصرية الرهيبة ورأيت أيضا كيف تحمل هذا العالم الكبير كل أنواع المؤامرات والاساءات وحملات التشكيك التى يرفض أن يتحملها أصغر تلاميذه .


 


كثيرا ما كنت أتساءل : مالذى يجعل واحدا من أهم علماء العالم يبذل كل هذا الجهد ويتحمل التطاول والتجريح حتى يحقق مشروعا لن يعود عليه بأى ربح مادي أو منصب ..؟!


 


 


الاجابة أن الدكتور زويل ــ شأن الرجال الكبار دائما ــــ يعتبر أن النجاح يرتب عليه مسئولية مساعدة الآخرين ولأنه يحب بلاده فهو يريد أن يفيد أبناءها بعلمه الغزيز مهما يكن الثمن الذى يدفعه من جهده وأعصابه .. أتمنى أن يتحقق التغيير الذى قامت الثورة من أجله حتى يتم لنا الشفاء من مرض التدمير الذاتي ومحاربة الناجحين وأتمنى أن يقف المصريون جميعا خلف الدكتور زويل حتى يحقق لمصر ما تستحقه


الديمقراطية هي الحل


 


العنوان الإليكتروني


[email protected]


(((( الرجاء الارسال على هذا الايميل فقط ))))

1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on August 28, 2012 12:22

Alaa Al Aswany's Blog

Alaa Al Aswany
Alaa Al Aswany isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow Alaa Al Aswany's blog with rss.